تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الشرط الثاني، وهو: الأمانة، فهي في الحقيقة تعني بيان الحكم الشرعي على ما تقتضيه الشريعة، ومراقبة الله عز وجل في ذلك، وأن يكون صادقاً يبتغي ما عند الله عز وجل لا يريد شيئاً آخر؛ لأنه لو أراد شيئاً آخر لدخلنا في قضية الأغراض الدنيوية التي تصرف الفتوى عن محلها وربما تشرع للناس ما ليس مشروعاً سواء كانت فتوى ماجنة تبتغي تزيين الشهوات، أو داجنة تبتغي الارتزاق المحرم بالفتوى أو الشهرة من وراء الشغب بها، والعياذ بالله من كل ذلك؛ فلا يكفي العلم، بل لا بد من ديانة تمنع المفتي من تجاوز حدود الله باسم الله، فالله ذكر أن اليهود يعلمون لكنه بين أنهم لا يعملون بما يعلمون.

فالأمانة شرط مهم جداً، ومن يفتقد هذا الشرط يدخل به ما يعرف بالمفتي الماجن، الذي تحدّث العلماء عن الحجر عليه.

وهذه الشروط يمكن التحقق منها بعدة طرق، منها: إفصاح بعض علماء الشريعة المعتبرين عند الأمة في الفتوى بأن فلانا أهل للفتوى.

ومنها: إحالة أهل العلم المعروفين بالفتوى- أيضاً- إلى أحد من أهل العلم في مسائل للفتوى فيها.

ومنها: شهادة الشيوخ لأحد تلاميذهم بأنه صار أهلاً للفتوى. أما من لم يعرف بالفتوى، ولم يعرف له شأن في بيان الأحكام الشرعية؛ فلا يعد أهلاً للفتوى.

- كثر الحديث عن المفتي الماجن .. ماهي صفات المفتي الماجن؟

المفتي الماجن يراد به الشخص المؤهل للفتيا من الناحية العلمية، لكن لم يتوافر فيه الشرط الثاني الذي هو الأمانة والديانة، وبالتأكيد الفتيا تحتاج إلى الشرطين ووجود شرط واحد لا يكفي، أما أن يأتي شخص ليس من أهل الفقه في الدين والعلم بالأحكام الشرعية وأدلتها ومناقشاتها العلمية، ويريد أن يفتي فهذا أسوأ من المفتي الماجن الذي تكلم أهل العلم في الحجر عليه؛ لأنه يفتقد الشرطين: العلم، والأمانة؛ وللأسف أن كثيراً من عوام الناس يظنون أن كل واعظٍ أو قارئٍ أو راقٍ، أو موظفٍ إداريٍ في بعض القطاعات الدينية، أو ملتحٍ ولو كان عامياً، أو حتى من لديه ثقافة عامة كأن يكون مفكراً إسلامياً غير متخصص في العلم الشرعي والفقه بأحكام الشريعة، يظن بعض العامة أن هؤلاء يجوز استفتاؤهم في الأحكام الشرعية، والصحيح أن هؤلاء لا تبرأ الذمة باستفتائهم؛ اللهم إلا إذا كانوا ثقاة، ونقلوا فتوى يحفظونها عن أحد من أهل العلم، أي على سبيل النقل، وليس على سبيل إصدار الفتوى والترجيح بين الأقوال.

وهذا النوع من الناس إذا تصدوا للفتوى يجب منعهم؛ لأنهم ليسوا متخصصين، كما يمنع أي شخص غير متخصص في الطب من فتح عيادة طبية يتولى فيها تطبيب الناس بنفسه؛ إذ إن هؤلاء لا يقال يحجر عليهم، وإنما يقال: يمنعون من ممارسة ما لا يحسنون، أي لعدم تخصصهم.

- هل يحق للسلطة الحجر على من لا يملك العلم الشرعي؟

هذا لا يسمى حجراً أصلاً.

- ماذا يسمى إذاً؟

هذا نوع من التأديب للشخص؛ لأنه افتات على سلطة ليست له، والعلماء حين يتحدثون عن الحجر على المفتي يقصدون من تأهل للفتيا علماً وبقي عنده قضية الأمانه فيكون ليس أميناً أو لديه سلوك في فتواه غير سوي، فالحقيقة أرى أن مسألة الحجر لا تنطبق أصلاً على من هو ليس أهلاً للفتوى.

- ماذا يطلق إذاً على من لا يملك العلم الشرعي ويفتي؟

هذا يعد كأي شخص عمل جناية في قضية من القضايا، كشخص يتولى الطب وهو ليس طبيباً. بخلاف شخص طبيب أصلاً وللأسف يمارس مهنة الطب بغش فهذا هو الذي يحجر عليه ويمكن أن يطلق عليه مصطلح الحجر، أو بعبارة أخرى كمن يسحب منه الترخيص لعدم تأهله للمهنة.

- هل يجوز للسلطة الحاكمة أن تحجر على العالم الذي يشذ في مسألة أو مسألتين؟

إذا كان عالماً وتوافرت فيه الشروط التي ذكرتها قبل قليل لا يجوز الحجر عليه إطلاقاً.

- حتى لو خالف إجماع المسلمين؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير