خباب بن الأرت، فقد روى ابن وضاح بسند صحيح عن عبد الله بن أبي هذيل العنزي عن عبد الله بن الخباب قال: ((بينما نحن في المسجد، ونحن جلوس مع قوم نقرأ السجدة ونبكي. فأرسل إليَّ أبي. فوجدته قد احتجز معه هراوة له. فأقبل عليَّ. فقلت: يا أبت! مالي مالي؟! قال: ألم أرك جالساً مع العمالقة؟
ثم قال: هذا قرن خارجٌ الآن))
كما أنكر عامة التابعين رحمهم الله تعالى كذلك هذه البدع ومن جملة ذلك:
كراهية الإمام مالك الاجتماع لختم القرآن في ليلة من ليالي رمضان.
وكراهيته الدعاء عقب الفراغ من قراءة القرآن بصورة جماعية
وقد نقل الشاطبي في فتاواه كراهية مالك الاجتماع لقراءة الحزب، وقوله:
إنه شيء أُحدث، وإن السلف كانوا أرغب للخير، فلو كان خيراً لسبقونا إليه.
فهذه النقول، التي أوردناها في هذا الباب، كلها توضح أن السلف - رضي الله عنهم - كانوا لا يرون مشروعية الاجتماع للذكر بالصورة التي أحدثها الخلف. ولله در السلف! ما كان خير إلا سبقوا إليه، ولا كانت بدعة منكرة إلا كانوا أبعد الناس عنها، محذرين منها. فما من إنسان يخالف هديهم إلا كان تاركاً لسبل الخير، معرضاً عنها، مقتحماً أبواب الضلال.
فلو كان الذكر الجماعي مشروعاً أو مستحباً لفعله السلف، ولو فعلوه لنُقل عنهم، ولَوَرَدَ إلينا. فلما لم يُنقل ذلك عنهم، بل نُقل عنهم ما يخالف من الإنكار على فاعله، كما حدث من ابن عمر، وابن مسعود، وغيرهما. دل ذلك على أن هذا العمل غير مشروع أصلاً.
ثالثاً: النصوص العامة التي فيها المنع من الابتداع في الدين، كحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
ومعلوم أن الذكر الجماعي لم يأمر به النبيعليه الصلاة والسلام ولم يدل عليه، فلو شرعه النبي r لأمر به وحث الناس عليه، ولشاع ذلك عنه r بينهم مع قيام المقتضى.
رابعاً: أن في القول باستحباب الذكر الجماعي استدراكاً على شريعة النبي عليه الصلاة والسلام
بحيث إن المبتدعين له شرعوا أحكاماً لم يشرعها النبي r ، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}. فلما لم يشرع النبي r لأمته هذا العمل، دل ذلك على بدعيته.
خامساً:
ومن أدلة المانعين من الذكر الجماعي:
أن في هذا الذكر بصوت واحد تشبهاً بالنصارى الذين يجتمعون في كنائسهم لأداء التراتيل والأناشيد الدينية بصوت واحد. هذا مع كثرة النصوص الشرعية التي وردت في النهي عن التشبه بأهل الكتاب، والأمر بمخالفتهم.
سادساً:
ومن أدلة المانعين من الذكر الجماعي:
أن فيه مفاسد عديدة تقطع بعدم جوازه، لاسيما وأنها تربو على ما له من منافع زعمها المجيزون له، فمن هذه المفاسد:
1 - التشويش على المصلين والتالين للقرآن مع ورود النهي عن هذا التشويش، ومنها على سبيل المثال
قوله عليه الصلاة والسلام:
((إلا إن كلكم مناج ربه. فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)).
2 - الخروج عن السمت والوقار الذين يجب على المسلم المحافظة عليهما.
3 - أن اعتياد الذكر الجماعي قد يدفع بعض الجهال والعامة إلى الانقطاع عن ذكر الله إذا لم يجدوا من يجتمع معهم لترديد الذكر جماعة كما اعتادوا.
4 - أنه قد يحصل من بعض الذاكرين أحياناً تقطيع الآيات حتى يتمكن قصار النَفَس من الترديد مع طوال النَفَس.
وفقتم
ـ[أبوالشيخ]ــــــــ[10 - 11 - 10, 01:02 م]ـ
حكم الذكر الجماعي
مقولات فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم:
1 - ذكر الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في كتابه (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع)، عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى:
أن رفع الصوت بالتكبير بدعة في الأصل، لأنه ذكر. والسنة في الأذكار المخافتة؛ لقوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية} [الأعراف: 55]. ولقوله عليه الصلاة والسلام: ((خير الدعاء الخفي)). ولذا فإنه أقرب إلى التضرع والأدب، وابعد عن الرياء فلا يترك هذا الأصل إلا عند قيام الدليل المخصص. انتهى.
وقال العلامة المباركفوري في (تحفة الأحوذي):
¥