[سنة المباهلة]
ـ[علي سلطان الجلابنة]ــــــــ[09 - 11 - 10, 07:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه وسلم على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد:
المباهَلة: الملاعَنة، والابتِهال: الاجتِهاد في الدُّعاء، وإخلاصه بإنزال اللعنة على الكاذب من المتلاعنَيْن [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1).
وهيئتها: أنْ يحضر هو وأهلُه وأبناؤُه، وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم، ثم يدعون الله - تعالى - أنْ يُنزِل عقوبتَه ولعنتَه على الكاذبين [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2).
قال الألوسي: "وإنما ضمَّ رسول الله - صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم - إلى النَّفس الأبناءَ والنِّساءَ مع أنَّ القَصد من المباهَلة تبيُّن الصادق من الكاذب، وهو يختصُّ به وبِمَن يُباهِله؛ لأنَّ ذلك أتَمُّ في الدلالة على ثقته بحاله، واستِيقانه بصدقه، وأكمل نكاية بالعدو، وأوفر إضرارًا به لو تمَّت المباهلة" [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3).
صيغة المباهلة:
ليس للمباهلة صيغةٌ معيَّنة عند أهل السنَّة والجماعة، فهي تُقال بأيَّة صيغة، حيث يدعو المتلاعنَيْن بالدُّعاء بإنزال اللعنة على الكاذِب فيهما [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4).
شروط المباهلة:
وللمباهَلة عدَّة شروط مستنبطة، منها:
1 - إخلاص النيَّة لله - سبحانه وتعالى - وألاَّ يكون الانتصار لهوى النفس أو لأمرٍ من أمور الدنيا.
2 - أنْ يترتَّب عليها مصلحة شرعيَّة؛ كإحقاق الحق، وإقامة الحجة، وكشف الباطل.
3 - صحَّة ما عليه المباهل وصدقه فيه.
4 - تقديم النُّصح قبلها ومحاولة إزالة الشُّبَه [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5).
حكم المباهلة:
المباهلة سنَّة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حقِّ مَن أصرَّ على العِناد من أهل الباطل والفَساد، وذلك بعد إقامة الحجَّة والبرهان عليهم.
قال ابن القيِّم: "إنَّ السنَّة في مجادَلة أهل الباطل إذا قامَت عليهم حجَّة الله ولم يَرجِعوا، بل أصرُّوا على العِناد - أنْ يدعوهم إلى المباهَلة، وقد أمَر الله - سبحانه - بذلك رسولَه، ولم يقل: إنَّ ذلك ليس لأمَّتك من بعدك" [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6).
الأدلة:
أولاً: الكتاب:
1 - قال - تعالى -: ? قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ? [البقرة: 94 - 95].
قال الطبري: "وهذه الآية ممَّا احتجَّ الله بها لنبيِّه محمد- صلَّى الله عليه وسلَّم- على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مُهاجَره، وفضَح بها أحبارهم وعلماءَهم، وذلك أنَّ الله- جلَّ ثناؤه- أمَر نبيَّه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنْ يدعوهم إلى قضيَّة عادِلة بينه وبينهم، فيما كان بينه وبينهم من الخلاف، كما أمَرَه الله أنْ يدعو الفريق الآخَر من النصارى - إذ خالَفُوه في عيسى، صلوات الله عليه وجادَلوا فيه - إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة.
وقال لفريق اليهود: إنْ كنتم محقِّين فتمنَّوا الموت، فإنَّ ذلك غير ضارِّكم، إنْ كنتم مُحقِّين فيما تدّعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله، بل إن أعطيتم أمنيتكم من الموت إذا تمنَّيتم، فإنما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها، والفوز بجوار الله في جنانه، إنْ كان الأمر كما تزعُمون من أنَّ الدار الآخِرة لكم خالصة دوننا، وإنْ لم تعطوها علم الناس أنَّكم المبطِلُون ونحن المحقُّون في دعوانا، وانكَشَف أمرُنا وأمرُكم لهم.
فامتنعت اليهود من إجابة النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى ذلك؛ لعلمها أنها إنْ تمنَّت الموت هلكت، فذهبت دنياها، وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها، كما امتنع فريق النصارى- الذين جادَلوا النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم، في عيسى إذ دعوا إلى المباهلة- من المباهلة.
¥