ولكن لا طاعةَ لزوجٍِ في معصية الله –عزوجل- لقول النبي –عليه السلام-: لا طاعةَ لمخلوقٍٍ في معصيةِ الخالقِ. وبهذا نعلمُ أنّه لا يجوز في حالٍ معصية الزوج, لأنه القيم في بيته, وقال عليه السلام: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم –التطوع- وزوجها شاهد إلا بإذنه, ولا تأذن في بيتٍ لأحدٍ إلا بإذنه ولا تجلس على تكرمةٍ إلا بإذنه.
فالقيّم يُستأذنُ حتى لا تضطربَ الأمور, وقال –عليه السلام-: إذا استأذنتِ امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها. فدلَّ أنَّ الاستئذانَ مشروع في كل حال. وقال –عليه السلام-: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
ما هيَ واجبات القيّم؟
* هذا القيم عليهِ واجباتٌ كما له حقوقاً, وهكذا في أيِّ قيم شركةٍ وبيتٍ وجماعةٍ وإمام البلدةِ, فهذا سليمانُ عليه الصلاة والسلام كان يخرجُ ويراقبُ رعيته وخدامه وحشمه حتى ماتَ وهو متَّكاٌ على عصاه.
فعليه
أولاً: أن يشكرَ الله –سبحانه- بأن جعله قيما وبأن رزقَ امرأةً صالحةً, قال –عليه السلام-: الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة وفي بعض الروايات "إن نظر إليها أسرته, إذا أمرها أطاعته, إن غاب عنها حفظته" فهذه سمةُ المرأةِ الصالحة.
ثانياً: أن يكونَ رفيقاً على أهلِهِ ورعيَّته, قال تعالى لمحمد –عليه الصلاة والسلام-[فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ]. وقال –عليه السلام-: ما كان الرفق في شيءٍ إلاّ زانه, لا نزع من شيءٍ إلاَّ شانه. وقال –عليه السلام-: إن الله إذا أراد بأهل بيت خيرا دلهم على باب الرفق. وعن مَالِك بن الحويرث قال: أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا، أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ ارْجِعُواإِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ .. الخ.
فكانَ –عليه السلام- كما هو مبعوث رحمةً للعالمين, رحيما بأمثالِ هؤلاءِ الشببةِ رفيقا بنسوتهم لغيابِ أزواجهم عنهم. ولذا ... أقولُ –لمن يسافر لجمع الأموالِ فوق الأموال وقد ترك نسائه وبناته السنين- أن يحاسبَ نفسه, وأن يتقيَ الله عزوجلّ, لأنَّ المرأة ضعيفة وأسرع إلى الميل إلاَّ أن يرحمَ اللهُ بها, وقال –عليه السلام-: تعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شيكَ فَلا انْتَقشْ. [وقال –عليه السلام-: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي] فلا تأتِ زوجكَ ووجهكَ " عبوساً قمطريراً " وتبتهج إلى غيرها, وتقابلها بغليظِ القولِ والفعلِ, فالزوجةُ أولى بكلِّ خيرٍ, وهيَ إنما إن فقدتِ السعادة والحنان والعفةَ من زوجها رغبت إلى آخرَ والعياذ بالله.
فعلى القيّم الزوجِ أن يحسّن أخلاقَهَ ويهذِّبها بمكارمِ الأخلاقِ, لأنَّ –عليه السلام- يقول عن النسوة "إنما هنَّ عوانٍ عندكم" وقال موجّها في التقويم [اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاء" وعند ابن حبان "فدارها تعش بها].
ثالثاً: أن يعلمَ عن خصالِ وطبائعِ من هم تحتَ يديكَ, فجرت سنَّة الله -عز وجل- أن تختلفَ طبائع النساءِ, فصاحب الشركةِ وصاحب الرعية عليه أن يسوسَ أحوالَ الناسَ وكيف استجابتهم ومالطريقة لتقويهم؟ فجديرٌ بالزوجِ أن يتقنَ معرفة من تحتَ يديه, فيتعامل معهنّ بمقتضى معرفته بهن, حتى تستقيم أموره, ثم إنَّ الهدايةَ من الله –عزوجل- فالتمس من الله هدايتك وهدايةَ زوجتك وللنساء المسلمات.
¥