ففي الباب عن أنس: أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثني أحمد بن منصور الصوفي الحافظ ثنا أبو العباس بن الشيرازي أنا أحمد بن محمد النحوي ثنا أبو العيناء محمد بن القاسم نا أبو زيد النحوي ثنا أبو عمرو بن العلاء عن أنس بن مالك عن أبي بكر الصديق: أن النبي صلى الله عليه و سلم كانت له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء.
(درجة الحديث)
معلول، فأبو العينياء (ليس بالقوي) واختلف في هذا الحديث على أبي عمرو العلاء.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو الحسن بن بشران العدل ببغداد ثنا أبو عمرو بن السماك ثنا حنبل بن إسحاق ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو قال سألت عبد الوارث عن حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان له منديل أو خرقة فإذا توضأ مسح وجهه.
وإسناده صحيح، إلا أن عبد الوارث امتنع عن التحديث به، ولو رواه لكان إسنادًا صحيحا.
وقال أبو حاتم: سمعت أبي يذكر هذا الحديث وقال (رأيت في بعض الروايات عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس موقوفاً).
وللأحاديث أسانيد أخرى يؤيد قول أبي حاتم، فرواه ابن المنذر عن أنس موقوفا.
وله إسناد آخر عند ابن أبي شيبة موقوفا على أنس.
(فقه الحديث)
اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال في التنشف بعد الوضوء:
(1) يُكره التنشف بعد الوضوء، وهو ثابت عن جابر كما رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن المنذر بإسناد صحيح.
الدليل: حديث ميمونة في (الصحيحين) أن النبي توضأ فناولته خرقة فلم يأخذها!
وليس في هذا دليل واضح، والقاعدة في الأصول (الأفعال عن النبي صلى الله عليه وسلم تحتمل احتمالات بخلاف القول).
(2) لا بأس بالتنشف بعد الوضوء وبعد الغسل، وذهب إليه أنس بن مالك كما تقدم.
الدليل: ما أخرجه النسائي وأبو داود والإمام أحمد، من طريق أحمد بن أسعد بن زرارة عن سعد بن عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل في ثوبه فناوله خرقة فانتهك به.
وفي الحديثِ ضعفٌ، لانقطاعه، وضعفه البخاري، وهو صحيح إلى من أرسله فيُسْتأنسُ به.
الدليل: ما أخرجه الشيخان من حديث أم هانئ لما جاءت إلى النبي صلى لله عليه وسلم وهو يغتسل، فقالت: ناولته فاطمة ثوبه فالتحف به، وبوب عليه ابنُ ماجه (جواز النتشف بعد الوضوء).
وعند التحقيق: ليس بدليل صريح، لأنه لم يستعمل شيئا غير الثوب الذي يريد لبسه.
ولعل الأمر كما قال ابنُ المنذر (مباح).
(حديث موضوع) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال (إن هذه مراوح الشيطان)
(3) جوازه في الوضوء لا الغسل، وذهب إليه ابنُ عباس بإسناد صحيح.
ثم قال أبو عيسى:
حدثنا محمد بن حميد [الرازي] حدثنا جرير قال حدثنيه علي بن مجاهد عني وهو عندي ثقة عن ثعلبة عن الزهري قال إنما كره المنديل بعد الوضوء لأن الوضوء يوزن
محمد بن حميد الرازي: من الطبقة العاشرة، توفي -248 - ولا يحتج به حتى في الشواهد والمتابعات، وإن وُصف بالحافظة وكثرة الرواية.
جرير:بن عبد الحميد الضبي، من الثامنة، توفي -188 - ثقة ثبت وخاصة من كتابه.
علي بن مجاهد:الفاضلي، وهو متروك.
ولا يُعتمد على التوثيق من كلام الرجال في الأسانيد (وهذا بالتتبع) وليس جرير من النقاد في هذا الفن.
ثعلبة: بن صهيل الطُّهَوي، وهو (صدوق).
وفي ثبوته عن الزهري نظر، بل هو ساقط، لأن محمد بن حميد (لا يحتج به) وعلي بن مجاهد (متروك) وتعليل الزهري لا يُقبل!!
والشخص عندما يضعف ويوثق وتتعادل، وليس هناك دليل يرجح أحد القولين، فيعتبر الحديث (حسنا) قالها القطان وأقره الحافظ، وهي معتبرة، لأن أهل الحديث يتشددون نوعاً ما!.
فالحديث الذي فيه ضعفٌ قليل، فيُعمل به، وهو أفضل من الرأي والاجتهاد، كما ذكره أحمد وشيخ الإسلام.
وفي الباب عن سلمان: أخرجه ابن ماجه والحديث (معلول، للانقطاع بين محفوظ بن علقمة وسلمان الفارسي) وقال عنه ابن حجر في (التقريب) من السادسة، وهم كبار أتباع التابعين
فالأسانيد كلها مطرحه:
(1) إسناد سليمان بن أرقم (وهو متروك)
(2) إسناد رشدين بن سعد (ضعيف جدًا) وعبد الرحمن بن زياد (ضعيف) وغرابته.
(3) إسناد أنس (موقوف عليه).
(4) إسناد سلمان، يقبل في الشواهد والمتابعات.
41 - باب فيما يقال بعد الوضوء
¥