تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

«وقد صنّف ابن حجر الهيتمي كتاباً في الكبائر، سماه «الزواجر»، فجاء بما لا يشهد له كتاب ولا سنة، ولا قلّد فيه أحداً، حتى يكون كعلومه الأخر، ولا ينبغي أن يُذكر مثل ذلك إلا إيقاظاً، والرجل ممن يتكلم كيف شاء، ثم حظي في متأخري الشافعية (29)».

وقد أحسن المَقْبلي -رحمه الله- في إهمال عدّ الكبائر عند الهيتمي، إذ أوصلها في كتابه -كما في المطبوع منه- إلى أربع مئة وسبع وستين كبيرة، وليس ثلاث مئة، كما قال الصنعاني، والله الموفق.

الثالثة: أما قول الزركشي السابق: «وقد أنهاها الحافظ الذهبي في جزء صنفه إلى سبعين»، وقول ابن كثير: «وقد صنف الناس في الكبائر مصنفات، ومنها: ما جمعه شيخنا الحافظ أبو عبدالله الذهبي الذي بلغ نحواً من سبعين كبيرة» (30)، فالأمر -أيضا- ليس على سبيل الحصر، إذ ذكر الذهبي -بالعدّ- في آخر ما ذكر: (الكبيرة السادسة والسبعين: من جَسَّ على المسلمين، ودلّ على عوراتهم)، ثم قال بعدها:

«فصل جامع لما يحتمل أنه من الكبائر»، وأورد تحته أحاديث عديدة، بلغت (تسعة وأربعين) حديثاً، اشتملت على نحو نصفِ عدَدِها مما قد يقال: إنه كبيرة.

وللبحث بقية. . .

ــــــــــــ الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

(1) لا تنسَ بهذه المناسبة أمرين:

الأول: أنّ تركَ المأمور أشدُّ من فعل المحظور، ويتأيدُ ذلك من وجوه عديدة جدّاً، أوصلها شيخ الإسلام إلى الأربعين، وذلك في جزء مفرد له في ذلك، محفوظ ضمن مجموع (رقم20/ 114) في الظاهرية، تحت عنوان «قاعدة أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه»، ومنها في «مجموع الفتاوى» (20/ 85 - 158) اثنان وعشرون وجهاً، وانظر تقرير ذلك في «مجموع الفتاوى» (11/ 671و 28/ 129، 29/ 279)، و «الفوائد» (ص153 - 164).

والآخر: أن المعاصي وإنِ اتَّحد جنسها فهي ليست على وِزانٍ واحدٍ، ولذا بوّب البخاري في «صحيحه»: (ظلم دون ظلم) و (حرام دون حرام).

(2) «الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية» (2/ 22)، ومما يُستدل به على التقسيم -أيضاً- قوله -تعالى-: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات:7]، فجعل المعصية رتباً ثلاثاً: كُفراً وفسوقاً –وهو الكبيرة-، وعصياناً –وهو الصغيرة-، ولو كان المعنى واحداً لكان اللفظ في الآية مكرراً، لا بمعنى مستأنفٍ، وهو خلافُ الأصل، قاله القرافي في «الفروق» (4/ 1199 – ط. السلام).

(3) «الإشارات الإلهية» (2/ 23 - 24).

(4) هذا قول جماهير السلف والخلف، ولأبي الحسن البكري «العَلَم في تفسير اللمم»، مخطوط في بريل. انظر «تاريخ بروكلمان» (8/ 250).

(5) انظر «الإشارات الإلهية» (3/ 297).

(6) «الذخائر بشرح منظومة الكبائر» (ص105).

(7) هذا لفظ البيهقي (10/ 87)، وأصله في «صحيح مسلم» (228) بعد (7)، وهو من حديث عثمان -رضي الله عنه-.

(8) مع مراعاة أنّ فعل الطاعات بصدق، مع المداومة، والتّنوّع تُكفِّر كلٌّ نوعاً من الصغائر، فلو كانت الذنوب التي تكفر بالوضوء هي عينها التي تكفّر بالصلاة، هي عينها تكفر بالجمعة، هي عينها التي تكفر بالعمرة، وهكذا، لمَا كان لتنوع الطاعات فائدة، والمرجو من الله -عز وجل- أنّ ازدحام أنواع الطاعات وتواليها وكثرتها، مع إحسانها والإخلاص فيها، إنْ لم تجد محلاً للصغائر، فلعلها تصيب الكبائر، فتؤثر فيها، بمحوها أو التنقيص منها، والله أعلم.

ثم عثرت -فيما بعد- على كلام لابن القيم في «الداء والدواء» (ص192 - 193 –ط. ابن الجوزي) يلتقي ما قررته -ولله الحمد والمنّة- وهذا نصّه:

«وهذه الأعمالُ المُكفِّرَةُ لها ثلاثُ درجاتٍ:

أحدها: أن تقصرَ عن تكفير الصَّغائر لضعفِها وضعفِ الإخلاص فيها والقيامِ بحقوقِها، بمنزلةِ الدواءِ الضعيف الذي ينقصُ عن مقاومةِ الداءِ كميَّةً وكيفيَّةً.

الثانية: أن تقاومَ الصغائرَ، ولا ترتقي إلى تكفير شيء من الكبائر.

الثالثة: أنْ تقوى على تكفير الصَّغائر، وتبقى فيها قوةٌ تُكفَّرُ بها بعضُ الكبائر.

فتأمل هذا فإنه يُزيل عنك إشكالاتٍ كثيرةً».

(9) «السنن الكبرى» (10/ 187)، وانظر في تعقيد التفريق: «العلم الشامخ» (54 - 55) للمَقبَليّ، و «إيقاظ الفكرة» (ص483) للصنعاني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير