تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال المالكية [1]: تبطل الصلاة بالفتح على غير الإمام سواء من المصلى أو من غيره، بأن سمعه يقرأ، فتوقف في القراءة، فأرشده للصواب؛ لأنه من باب المكالمة، أما الفتح على الإمام إذا وقف وتردد فى القراءة، ولو فى غير الفاتحة فجائز لا يبطل الصلاة، بل هو واجب، فإن وقف ولم يتردد كره الفتح عليه.

وقال الشافعية [2]: الفتح على الإمام: هو تلقين الآية عند التوقف فيها.

و يفتح عليه إذا سكت، ولا يفتح عليه مادام يردد التلاوة وسؤال الرحمة والاستعاذة من عذاب، لقراءة آيتهما. والفتح في حالة السكون لا يقطع في الأصح موالاة قراءة المأموم، أما فى حالة التردد فيقطع موالاة قراءته، ويلزمه استئناف القراءة.

ولابد لمن يفتح على إمامه أن يقصد القراءة وحدها أو يقصدها مع الفتح.

فإن قصد الفتح وحده، أو لم يقصد شيئاً أصلاً، بطلت صلاته على المعتمد. أما الفتح على غير إمامه فيقطع موالاة القراءة.

وقال الحنابلة [3]: للمصلى أن يفتح على إمامه إذا أرتج عليه (منع من القراءة) أو غلط فى قراءته، فرضاً كانت الصلاة أو نفلاً. ويجب الفتح على إمامه إذا أرتج عليه أو غلط فى الفاتحة، لتوقف صحة صلاته على ذلك، كما يجب تنبيهه عند نسيان سجدة ونحوها من الأركان.

و إن عجز المصلى عن إتمام الفاتحة بالإرتاج عليه، فكالعاجز عن القيام أثناء الصلاة، يأتى بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما عجز عنه، ولا يعيدها.

وقال ابن قدامة في "المغنى": والصحيح أنه إذا لم يقدر على قراءة الفاتحة أن صلاته تفسد؛ لأنه قادر على الصلاة بقراءتها، فلم تصح صلاته بدون ذلك، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".

ويكره للمصلي الفتح على من هو في صلاة أخرى، أو على من ليس في صلاة؛ لأن ذلك يشغله عن صلاته، ولا تبطل صلاته، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:" إن في الصلاة لشغلاً".


1 - " الشرح الكبير" (1/ 347)، " القوانين الفقهية" (صـ 73)
2 - " مغني المحتاج" (1/ 158)
3 - " كشاف القناع" (1/ 442)، " المغنى" (2/ 56 - 60)

فصل في بيان ضعف ما احتج به المانعون من الفتح على الإمام
قال الشوكاني في" نيل الأوطار" (2/ 328): واحتج من قال بالكراهة بما أخرجه أبو داود عن أبى اسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " يا علي، لاتفتح على الإمام في الصلاة".و هو أقوى ما احتج به المانعون، و إلا فقد وردت بعض الأحاديث الأخرى لكنها أشد ضعفا و وهاء فلم يستدلوا بها، لشدة ضعفها، أما أقوى أدلتهم فإليك بيان ضعفه كذلك:
فقد أخرجه الطيالسي [178]، والإمام أحمد (1/ 146)، وعبد بن حميد كما في
" المنتخب" [67]، والبيهقي (3/ 212)، وأبو داود في الصلاة، باب: النهى عن التلقين [908]، وابن ماجه باب: ما يكره في الصلاة [965]، والبزار [154]
من حديث أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي به، وفيه طول.
قال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها.
و الحارث الأعور:
قال الذهبى في " الكاشف" (1/ 195/868): " الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، عن علي وابن مسعود، وعنه عمرو بن مرة، والشعبي، شيعي لين، قال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال ابن أبي داود: كان أفقه الناس، وأفرض الناس، وأحسب الناس".
وقال الحافظ: " صاحب علي، كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف، وليس له عند النسائي سوى حديثين".
وقال البيهقي في" السنن" (3/ 212): والحارث لا يحتج به، وروي عن علي، رضي الله عنه، ما يدل جواز الفتح على الإمام. انتهى.
وقال الشوكاني: وهذا الحديث لا ينتهض لمعارضة الأحاديث القاضية بمشروعية الفتح. انتهى.
فظهر مما سبق أن الحديث ضعيف سنداً، منكر متناً، لا يقوى على معارضة ما سبق الاستدلال به من الأحاديث التي تفيد مشروعية الفتح على الإمام.

وممن منع من الفتح على الإمام إلا في الفاتحة إمام الظاهرية وشيخهم أبو محمد بن حزم، فقال في" المحلى" (4/ 5/379):
ولا يجوز لأحد أن يفتي الإمام إلا في أم القرآن وحدها، فإن التبست القراءة على الإمام فليركع، أو ينتقل إلى سورة أخرى، فمن تعمد إفتاءه وهو يدرى أن ذلك لا يجوز له بطلت صلاته.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير