تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حدثنا عبد الله بن محمد، قال حدثنا محمد بن بكر، قال حدثنا أبو داود، قال حدثنا عمرو بن عون، قال أخبرنا حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم ليصلح بينهم بعد الظهر؛ فقال لبلال:" إذا حضرت صلاة العصر ولم آتك، فمر أبا بكر فليصل بالناس؛ فلما حضرت صلاة العصر أذن بلال، ثم أقام؛ ثم أمر بلال أبا بكر، فتقدم وذكر الحديث وقال في آخره: إذا نابكم شيء في الصلاة، فليسبح الرجال وليصفق النساء.

فهذا قاطع في موضع الخلاف يرفع الإشكال. انتهى

ثم ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي في" فتح البارى" (6/ 378 - 380) حديث سهل بن سعد ثم قال:

وقد ذكر الترمذي: أن العمل على هذا عند أهل العلم.

وممن روي عنه، أنه أفتى بذلك: أبو هريرة، وسالم بن أبي الجعد.

وقال به الأوزاعي والشافعي واحمد واسحاق وأبو ثور وأبو يوسف.

وأن المأموم ينبه إمامه بالتسبيح إذا كان رجلاً.

وقد تقدم عن أبى حنيفة، أنه إن سبح ابتداء فليس بكلام، وإن كان جوابأً فهو كلام. والجمهور على خلافه.

ومذهب مالك وأصحابه: أنه يسبح الرجال والنساء.

وحملوا قوله: " إنما التسبيح للنساء" على أن المراد: أنه من أفعال النساء، فلا يفعل فى الصلاة بحال، وإنما يسبح فيها.

وهذا إنما يأتى في لفظ رواية مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وأما رواية غيره: " التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء في الصلاة" فلا يأتى هذا التأويل فيها.

وأما رواية من روى:" إذا نساني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح القوم، وليصفق النساء" فصريحة في المعنى.

فالمراد بالقوم: الرجال، كما قال تعالى: (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء) [الحجرات: 11].

وخرجه الإمام أحمد من حديث جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال " إذا أنساني الشيطان شيئاً فى صلاتى فليسبح الرجال، وليصفق النساء".

وهو من رواية ابن لهيعة.

وخرج الأثرم، من رواية أبى نعامة، عن جبر بن حبيب، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت جاء أبو بكر يستأذن، وعائشة تصلى، فجعلت تصفق، ولا يفقه عنها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهما على تلك الحال، فقال: " ما منعك أن تأخذى بجوامح الكلم وفواتحه؟ " وذكر دعاء جامحاً، " ثم نادي لأبيك".

وهذا إسناد جيد.

وقد خرج الإمام أحمد وابن ماجه ذكر الدعاء، دون قصة الاستئذان.

ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليها التصفيق، ولا أمرها بالتسبيح، وإنما تصفق المرأة إذا كان هناك رجال.

فأما إن لم يكن معها غير نساء، فقد سبق أن عائشة سبحت لأختها أسماء في صلاة الكسوف، فإن المحذور سماع الرجال صوت المرأة، وهو مأمون هاهنا، فلا يكره للمرأة أن تسبح في صلاتها. و يكره أن تسبح مع الرجال.

ومن أصحابنا من قال: لا يكره.

و الأول: الصحيح.

وقال بعض أصحابنا: الأفضل في حقها أيضا مع النساء التنبيه بالتصفيق أيضاً.

و الكلام في هذا يشبه الكلام فى جهر المرأة بالقراءة إذا أمت النسوة.

وتصفيق المرأة، هو أن تضرب بظهر كفها على بطن الأخرى، هكذا فسره أصحابنا والشافعية وغيرهم.

قالوا: ولا تضرب بطن على بطن كف؛ فإن فعلت ذلك كره.

وقال بعض الشافعية، منهم: القاضي أبو الطيب الطبري: تبطل صلاتها به، إذا كان على وجه اللعب؛ لمنافاته صلاتها، فإن جهلت تحريمه لم تبطل صلاتهما بذلك.

و يدل عليه: أن الصحابة أكثروا التصفيق خلف أبي بكر الصديق، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، وإنما أمرهم بالأكمل والأفضل.

وقد قال طائفة من الفقهاء: متى أكثروا التصفيق بطلت الصلاة.

والحديث يدل على خلافه، إلا أن يحمل على أنهم لم يكونوا يعلمون منعه، فيكون حكمهم حكم الجاهل.

ولأن علم الفقه علم متعلق بأفعال العبادات، كان لزاما إسقاط ما سبق و ذكرته من أحكام الفتح على الإمام؛ لتتضح المسألة، و تظهر نتائجها، فمن هذا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير