تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في هذا المبحث جمعت الأقوال الواردة عن الإمام أبي حنيفة في هذا العلم والمنسوبة إليه في كتب علوم الحديث ولم أعلّق عليها كثيراً إلاّ بالقدر الذي يحتاج إلى بيان وتوضيح، وقد قسّمت هذا المبحث إلى

ستة مطالب رئيسة هي:

المطلب الأول: مقولاته في الحث على الأخذ بالحديث الشريف وتعلمه والعمل به.

المطلب الثاني: مقولاته في بعض أقسام الحديث.

المطلب الثالث: مقولاته في الجرح والتعديل أو صفة من تُقبل روايته.

المطلب الرابع: مقولاته في صفة تحمل الحديث وآدابه.

المطلب الخامس: مقولاته في صفة رواية الحديث.

المطلب السادس: مقولاته في أمور متفرقة كمعرفة الصحابة وغير ذلك.

المطلب الأول:

مقولاته في الحثّ على تعلّم الحديث وأخذه والعمل به

كان الإمام الأعظم أبو حنيفة رحمه الله يحثّ على اتباع السنة وينفّر من القول في دين الله تعالى بالرأي وكان يحضّ على العمل بحديث رسول الله ?.

" وكان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يقول: إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي؛ وعليكم باتباع السنة؛ فمن خرج عنها ضلّ.

ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والحديث يُقرأ عنده، فقال الرجل: دعونا من هذه الأحاديث، فزجره الإمام أشدّ الزجر، وقال له: لولا السُّنّة ما فهم أحد القرآن

وقيل له مرة: قد ترك الناس العمل بالحديث وأقبلوا على سماعه، فقال رضي الله عنه: نفس سماعهم للحديث عمل به.

وكان رضي الله عنه يقول: لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا.

وكان يقول: لا ينبغي لأحد أن يقول قولاً حتى يعلم أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله " (3).

* ولقد كان لأبي حنيفة مقولات في بيان آداب المحدث وطالب الحديث منها: قول الحافظ أبي عمر بن عبد البر في جامعه في مسألة جواز رفع المحدث والعالم صوته في المسجد بالعلم حيث قال: أجاز ذلك قوم منهم أبو حنيفة، ثم روى ابن عبد البر بسنده إلى سفيان بن عُيينة قال: مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه في المسجد وقد ارتفعت أصواتهم فقلت: يا أبا حنيفة هذا في المسجد، والصوت لا ينبغي أن يُرفع فيه، فقال: دعهم فإنهم لا يفقهون إلاّ بهذا (4).

* وكان أبو حنيفة يحث على طلب المعروف من الحديث وتجنب الغريب منه الذي لا يعرفه عامة الناس، روى الخطيب البغدادي في جامعه بسنده إلى أبي حنيفة قال: من طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب الدين بالجدال تزندق، ومن طلب غريب الحديث كُذّب (5).

المطلب الثاني:

مقولاته في بعض أنواع الحديث.

من خلال بحثي في كتب علوم الحديث وقعت للإمام الأعظم أبي حنيفة على مقولات وآراء في بعض أنواع الحديث على النحو التالي:

أولاً: خبر الواحد:

وهو الحديث الفرد أو الغريب والحديث الغريز وهو الحديث الذي تفرّد بروايته راوٍ واحد أو اثنان دون أن يبلغ حد التواتر أو الشهرة، وقد يكون هذا التفرد في حلقة من حلقات الإسناد أو في أكثر من حلقة وقد يكون هذا التفرد في كل حلقة من حلقات الإسناد (6).

* وكان أبو حنيفة كغيره من المتقدمين يحتجّ ويعمل بخبر الواحد. قال الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية: " وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا، ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه، فثبت أن من دين جميعهم وجوبه إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه " (7).

* وقد ذكر الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله وغيره أن لأبي حنيفة شروطاً دقيقة في قبول الأخبار حمله عليها فشوّ الكذب في الحديث في زمانه فأراد الاحتياط لدين الله تعالى ومن ثمّ وضع شروطه لقبول خبر الواحد وهي:

1 - عدم معارضة خبر الواحد الأصول المجتمعة عنده بعد استقراء موارد الشرع، فإذا خالف تركه وعدّ الخبر شاذاً.

2 - عدم معارضته عمومات الكتاب وظواهره فإذا عارضها أخذ بظاهر الكتاب وترك الخبر، أما إذا كان بيانا لمجمل أو نصاً لحكم جديد فيأخذ به.

3 - عدم مخالفته السّنّة المشهورة سواء كانت قولية أو فعلية، فإن خالفها لم يأخذ به.

4 - عدم معارضته خبراً مثله فإذا تعارض رَجّح أحدهما بوجوه من الترجيح.

5 - عدم عمل راوي خبر الواحد بخلاف حديثه وخبره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير