تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر الشيخ الخضري بك قول أبي حنيفة عن نفسه في طريقة الاستنباط حيث قال: " إني آخذ بكتاب الله إن وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت بقول أصحابه إن شئت وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيّب - وعدّد رجالاً قد اجتهدوا - فلي أن أجتهد كما اجتهدوا " (17).

وعلّق الدكتور محمد أبو زهو في الحديث والمحدثون على هذه الرواية فقال: " ومن ذلك نرى أنه - يعني أبا حنيفة - يأخذ بقول الصحابي إذا أعوزته السنّة الصحيحة عنده وتقدّمه على اجتهاده، فكيف ينسب إليه أنه يقدّم الرأي على السنة! (18).

2 - حكم قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه من حيث الرفع أو الوقف:

يرى الإمام أبو حنيفة أن قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد والرأي فيه له حكم الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ذكر الحافظ السخاوي عن ابن العربي أنه قال في القبس: " إذا قال الصحابي قولاً يقتضيه القياس فإنه محمول على المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومذهب مالك وأبي حنيفة أنه كالمسند. وهو الظاهر من احتجاج الشافعي رحمه الله في الجديد بقول عائشة: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، حيث أعطاه حكم المرفوع لكونه مما لا مجال للرأي فيه، وإلاّ فقد نصّ على أن قول الصحابي ليس بحجة " (19).

خامساً: حكم الحديث المرسل عند أبي حنيفة:

من الجدير بالذكر أن الحديث المرسل هو الحديث الذي يضيفه التابعي إلىالنبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة بينهما، وقد اختلف العلماء في قول هذا المرسل أوعدم قبوله على أقوال عدة، وكان أبو حنيفة النعمان يرى قبول الحديث المرسل والاحتجاج به بشرط أن يكون مرسِله ثقة عدلاً.

* قال الخطيب البغدادي في الكفاية: " اختلف العلماء في وجوب العمل بما هذه حاله، فقال بعضهم: إنه مقبول ويجب العمل به إذا كان المرسِل ثقة عدلاً، وهذا قول مالك وأهل المدينة وأبي حنيفة وأهل العراق وغيرهم " (20).

* وقال ابن الصلاح وابن كثير: " والاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما - رحمهم الله - في طائفة " (21).

* وقال العراقي في فتح المغيث: " فذهب مالك بن أنس وأبو حنيفة النعمان بن ثابت وأتباعهما في طائفة إلى الاحتجاج به " (22) - يعني بالمرسل.

* وقال النووي في التقريب: " ثم المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدثين والشافعي وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال مالك وأبو حنيفة في طائفة: صحيح " (23). وقال النووي في الارشاد: " وقال مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما وأصحابهما وطائفة من العلماء: يُحتجّ به " (24).

* وقال السخاوي في فتح المغيث: " واحتجّ به الإمام مالك بن أنس في المشهور عنه وكذا الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت وتابعهما المقلدون لهما - والمراد الجمهور من الطائفتين بل وجماعة من المحدثين والإمام أحمد في رواية حكاها النووي وابن القيم وغيرهم بالمرسل ودانوا بمضمونه أي جعل كل واحد منهم ما هو عنده مرسل ديناً يدين به في الأحكام وغيرها " (25).

* وقال السيوطي: " وقال مالك في المشهور عنه وأبو حنيفة في طائفة منهم أحمد في المشهور عنه: صحيح " (26).

* وقال اللكنوي: " وذهب أبو حنيفة ومالك ومن تبعهما وجمع من المحدثين إلى قبول المرسل والاحتجاج به وهو رواية عن أحمد " (27).

* وقال التهانوي: " فقبله أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل في أشهر الروايتين عنه " (28).

سادساً: حكم الحديث المعنعن:

وهو الحديث المروي بلفظ عن فحكمه عند المحدثين هو القبول بشروط ومنهم أبو حنيفة. قال السخاوي في فتح المغيث: " أجمعوا - أي أهل الحديث - على قبول الإسناد المعنعن لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطاً ثلاثة: العدالة واللقاء مجالسة ومشاهدة والبراءة من التدليس " (29).

سابعاً: زيادة الثقة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير