تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكمها القبول عند أبي حنيفة. ذكر الصنعاني في توضيح الأفكار أن ابن حجر العسقلاني حكى عن الشافعي وأبي حنيفة قبول زيادة الثقة" (30). قلت: ولم أعثر على قول ابن حجر هذا. بل تقدمّ في شروط قبول أبي حنيفة لخبر الآحاد عدم قبوله للزيادة بل كان يأخذ بالحديث الناقص بدونها.

المطلب الثالث:

مقولاته في الجرح والتعديل (صفة من تقبل روايته)

لقد تكلّم الإمام أبو حنيفة في بعض القضايا في هذا العلم وهو الجرح والتعديل ونُقل عنه آراء فيها ومن هذه الأمور ما يلي:

أولاً: شروط العدالة في الراوي لقبول روايته

حيث ذكر الحافظ السخاوي أن أبا حنيفة اشترط الذكورة في راوي الحديث واستثنى من ذلك أخبار عائشة وأم سلمة والمشاهد من النساء فقال السخاوي في بيان ما لا يشترط في الراوي على سبيل المثال: " ولا الذكورة خلافاً لما نقله الماوردي في الحاوي عن أبي حنيفة قال: واستثنى أخبار عائشة وأم سلمة ". ثم ذكر السخاوي أن من شروط العدالة في الراوي عند أبي حنيفة أن يكون هذا الراوي فقيهاً عالماً إن خالف القياس في غيره (31).

ولقد تقدم اشتراط أبي حنيفة لفقه الراوي في قبوله خبر الآحاد وحكمه عليه بالصحة.

ثانياً: حكم رواية مجهول الحال أوالمستور وهو مجهول العدالة باطناً مع كونه عدلاً في الظاهر

ورد في رأي أبي حنيفة في ذلك أقوال لبعض علماء الحديث منها:

1 - قال الحافظ البلقيني في المحاسن: " أبو حنيفة يقبل مثل هذا " (32).

2 - قال السخاوي في تعديل المبهم والرواية عن المعيّن بدون تعديل: " وقيل: يكفي كما لو عيّنه لأنه مأمون في الحالتين معاً - نقله ابن الصبّاغ في العدة عن أبي حنيفة، وهو ماش على قول من يحتجّ بالمرسل "، كما ذكر السخاوي في موضع آخر من فتح المغيث أن أبا حنيفة قبل رواية هذا القسم خلافاً للشافعي (33).

3 - وقال على القارى في شرحه لنخبة الفكر: " وقد قبل روايته أي المستور جماعة منهم أبو حنيفة رضي الله عنه بغير قيد - يعني بعصر دون عصر - واختار هذا القول ابن حبّان تبعاً للإمام الأعظم ... وقيل: إنّما قبل أبو حنيفة رحمه الله في صدر الإسلام حيث كان الغالب على الناس العدالة " (34).

4 - وقال التهاوني: " وقال أبو حنيفة وأتباعه: يكتفي في قبول الرواية بظهور الإسلام والسلامة عن الفسق ظاهراً " (35).

ثالثاً: حكم رواية أهل الأهواء والبدع من حيث قبولها أوعدمه

مذهب أبو حنيفة في ذلك هو عدم قبول رواية هؤلاء المبتدعة إن كانوا ممن يستحلّون الكذب لنصرة مذهبهم، وفي ذلك ذكرت أقوال تنسب ذلك لأبي حنيفة والشافعي منها:

1 - روى الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية بسنده إلى عبد الله بن المبارك قال: " سأل أبوعصمة أبا حنيفة: ممن تأمرني أن أسمع الآثار؟ قال: من كل عدل في هواه إلاّ الشيعة، فإنّ أصل عقدهم تضليل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أتى السلطان طائعاً، أما إني لا أقول: إنهم يكذّبونهم أو يأمرونهم بما لا ينبغي، ولكن وطّأوا لهم حتى انقادت العامة بهم فهذان لا ينبغي أن يكونا من أئمة المسلمين " (36).

2 - وقال السخاوي: " وعن الربيع سمعت الشافعي يقول: كان إبراهيم بن أبي يحيى قدرياً، قيل للربيع، فما حمل الشافعي على أن روى عنه؟ قال: كان يقول: لأن يخرّ إبراهيم من بُعد أحبّ إليه من أن يكذب، فكان ثقة في الحديث. ولذا قيل كما قاله الخليلي في الإرشاد: إن الشافعي كان يقول: حدثنا الثقة في حديثه المتهم في دينه. وقال الخطيب: وحكى أيضاً أن هذا مذهب ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، ونحوه عن أبي حنيفة " (37).

3 - وقال الصنعاني في توضيح الأفكار: " إن كان يستحلّ الكذب لنصرة مذهبه لم يُقبل، وإلاّ قُبل، وإن كان داعية إلى مذهبه - عزاه الخطيب إلى الشافعي كما نقله عنه الخطيب في الكفاية لأنه قال: أقبل من غير الخطّابية ما نقلوا، قال: لأنهم يرون شهادة أحدهم لصاحبه، فمن لم يستحلّ الكذب كان مقبولاً لأن اعتقاد حرمة الكذب تمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه. قال الخطيب: ويُحكى أيضاً أن هذا مذهب ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، ونحوه عن أبي حنيفة " (38).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير