2 - وقال النووي في التقريب: " والصحيح أنها منحطة عن السماع والقراءة وهو قول الثوري والأوزاعي وابن المبارك وأبي حنيفة والشافعي والبويطي والمُزَني وأحمد وإسحاق ويحيى بن يحيى " (86).
3 - وقال السخاوي في الفتح: " ولكن قد أبى المفتون القول بأنها حالّة محلّ السماع فضلاً عن ترجيحها منهم إسحاق بن راهويه وسفيان الثوري مع باقي الأئمة المتبوعين أبي حنيفة النعمان وإمامنا الشافعي وأحمد بن حنبل الشيباني ... حيث رأوا بأن المناولة أنقص من السماع " (87).
4 - وقال اللكنوي: " ولكن الذي اختاره أبو حنيفة والشافعي وأحمد والثوري وابن المبارك وابن راهويه وغيرهم هو أنها دونه " (88).
هذا وقد رُوي عن أبي حنيفة منعه جواز المناولة المقرونة بالإجازة ذكر ذلك البلقيني في محاسن الاصطلاح حيث قال: " وفي القنية من كتب الحنفية: إذا أعطاه المحدث الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمع ذلك منه ولم يعرفه فعند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز روايته. وهذا يدل على منع الإجازة المقرونة بالمناولة " (89).
قلت: وقد تقدم قريباً قول صاحب القنية وتعليق الحافظ العراقي في المسألة، وعليه يكون المشهور عن أبي حنيفة تجويزه المناولة بالإجازة بشرط سماع الطالب ما في الكتاب المجاز به وبشرط معرفة الشيخ بما في هذا الكتاب وهذا مفهوم المخالفة من كلام صاحب القنية وبه يتمّ الجمع بين القول المشهور عن أبي حنيفة بجوازها والقول الآخر بعدم جوازها والله أعلم.
المطلب الخامس: مقولاته في صفة رواية الحديث
في هذا المطلب مسألتان مأثورتان عن الإمام أبي حنيفة النعمان هما:
الأولى: تشدد أبي حنيفة في الرواية وقد تمثّل هذا التشدد في ثلاثة أمور هي:
أولاً: ما تقدم من الشروط التي وضعها أبو حنيفة أو نُسبت إليه في قبول خبر الآحاد.
ثانياً: ما رُوي عن أبي حنيفة نفسه من أنه لا يجوز للراوي أن يروي إلاّ ما يعرف ويحفظ. فقد روى الخطيب البغدادي بسنده إلى أبي زكريا يحيى بن معين وسئل عن الرجل يجد الحديث بخطّه لا يحفظه؟ فقال أبو زكريا: كان أبو حنيفة يقول: لا يحدّث الرجل إلاّ بما يعرف ويحفظ (90).
ثالثاً: ما نُسب إلى أبي حنيفة من رأي متشدد في هذه المسألة نقله عنه عدد من علماء الحديث ومن هؤلاء:
1 - ابن الصلاح الذي قال في مقدمته: " شدّد قوم في الرواية فأفرطوا وتساهل آخرون ففرّطوا، ومن مذاهب التشديد مذهب من قال: لا حجّة إلاّ فيما رواه الراوي من حفظه وتذكّره. وذلك مروى عن مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما وذهب إليه من أصحاب الشافعي أبو بكر الصيدلاني المروزي " (91).
وقال ابن الصلاح في موطن آخر من المقدمة: " إذا وجد سماعه في كتابه وهو غير ذاكر لسماعه ذلك فعن أبي حنيفة رحمه الله وبعض أصحاب الشافعي رحمه الله أنه لا تجوز له روايته " (92).
2 - وقال النووي في التقريب - ونحوه في الإرشاد: " وقد شدّد قوم في الرواية فأفرطوا وتساهل آخرون ففرّطوا، فمن المشددين من قال: لا حجّة إلاّ فيما رواه من حفظه وتذكره. رُوي ذلك عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني الشافعي " (93).
3 - وقال ابن كثير: " لو وجد طبقة سماعه في كتاب إما بخطه أو خط من يثق به ولم يتذكر سماعه لذلك فقد حُكي عن أبي حنيفة وبعض الشافعية أنه لا يجوز له الإقدام على الرواية " (94).
4 - وذكر البلقيني عن الحاكم أنه قال: " ورواية محدّث صحيح السماع صحيح الكتاب معروف السماع ظاهر العدالة غير أنه لا يعرف ما يحدّث به ولا يحفظ، وهذا صحيح عند أكثر أهل الحديث، ولا يحتجّ به أبو حنيفة ولا مالك " (95).
5 - وقال السخاوي: " ورُوي عن الإمام أي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي المنع وأنه لا حجّة إلاّ فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره للمروي تفصيلاً من حين سمعه أن يؤديه، قال ابن معين - فيما رواه الخطيب: كان أبو حنيفة يقول: لا يحدث الرجل إلاّ بما يعرف ويحدّث " (96).
6 - وقال السخاوي أيضاً: " وإذا رأى المحدث سماعه في كتابه بخطه أو بخط من يثق به سواء الشيخ أو غيره وإن لم يذكر سماعه له ولا عدمه، فعن أبي حنيفة النعمان المنع من روايته وإن كان حافظاً لما في الكتاب فضلاً عما لم يعرفه " (97).
¥