* وقال: «ولا يُشِيرُ على وَلَيِّ أَمْرِ المسلمين بما فيه إِظهارُ شَعَائِرهم في بلاد الإسلام، أو تقوية أَمْرِهِم بوجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ إِلاَّ رَجُلٌ مُنَافِقٌ يُظْهِرُ الإسلامَ وهوَ مِنهم في الباطن، أو رَجُلٌ لَهُ غَرَضٌ فاسِدٌ، مثل أن يكونوا دخلوا عليه برغبة أو رهبة، أو رجلٌ جاهِلٌ في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدِّين، وإلاَّ فَمَنْ كانَ عَارِفاً ناصِحاً لَهُ أشارَ عليه بما يُوجِبُ نَصْرَهُ وثَبَاتَهُ وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه وفتحهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض مغاربها وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى.
وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين العادل كيف مكَّنهم الله وأيَّدهم وفَتَحَ لهم البلاد وأذَلَّ لهم الأعداء، لَمَّا قاموا مِن ذلك بما قاموا به.
وليعتبر بسيرةِ مَن وَالَى النصارى كيف أذَلَّهُ الله تعالى وكَبَتَهُ، وليس المسلمون محتاجين إليهم، دخل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فَعَرَضَ عليه حساب العراق فأعجبه ذلك فقال: «ادع كاتبك يقرؤه عليَّ». فقال: إنه لا يدخل المسجد!! قال: «ولِمَ»؟!! قال: لأنه نصراني. فضربه عمر رضي الله عنه بالدِّرَّةِ فلو أصابته لأوجعته ثم قال: «لا تُعِزُّوهم بعد أن أذَلَّهُم الله، ولا تأْمَنُوهم بعد أن خَوَّنَهُم الله، ولا تُصَدِّقُوهم بعد أن أَكْذَبَهُم الله».
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمَّا بعد:
فللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية فتوى نفيسة نقرأ لكم شيئاً منها، تقول اللجنة فيها:
«كُلُّ دين غير دين الإسلام فهو كفرٌ وضَلالٌ، وكُلٌّ مكانٍ يُعَدُّ للعبادةِ على غير دين الإسلام فهو بيتُ كُفْرٍ وضَلاَلٍ، إذْ لاَ تَجُوزُ عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مُجمع عليه بحمد الله تعالى.
ومَن زَعَمَ أنَّ اليهودَ على حَقٍّ، أو النصارى على حقٍّ سَوَاءٌ كان مِنهم أو من غيرهم فهو مُكَّذِّبٌ لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وهو مُرْتَدٌ عن الإسلام إن كان يدّعي الإسلام بعد إقامةِ الحُجَّةِ عليه إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك، قال الله تعالى: ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ?، وقال سبحانه ِ: ? إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ?، وقال جل وعلا: ? وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ?، وقال سبحانه: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ? ...
ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنهُ تحريمُ بناءِ مَعَابِدَ وِفقَ شرائع منسوخةٍ يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأنَّ تلك المعابد سواءٌ كانت كنيسةً أو غيرها تُعْتَبَرُ معابد كفريَّة؛ لأن العبادات التي تُؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: ? وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ?.
ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية، مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوزُ اجتماعُ قِبْلَتَين في بلدٍ واحدٍ مِن بلادِ الإسلام، وألاَّ يكون فيها شيءٌ مِن شعائر الكُفَّار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها بل تجب طاعته.
¥