تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باطل. السلسة الضعيفة (1253)

رواه ابن عدي (313/ 1) وابن عساكر (16/ 48/2) عن محمد بن وهب الدمشقي:

حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة

مرفوعا وقال:

" وهذا بهذا الإسناد باطل منكر ".

قال الذهبي:

" وصدق ابن عدي في أن الحديث باطل ".

قلت: وآفته محمد بن وهب هذا، وهو محمد بن وهب بن مسلم القرشي، قال ابن

عساكر:

" ذاهب الحديث ".

وهو غير محمد بن وهب بن عطية الذي أخرج له البخاري، وقد ترجم له ابن عساكر

أولا، ثم ترجم لابن مسلم هذا، وساق له هذا الحديث. فأصاب.

وأما ابن عدي فذكره في ترجمة الأول، ظنا منه أنه هو صاحب الحديث. قال الحافظ

في " التهذيب ":

" وليس كما ظن، وقد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب ".

قلت: ويبدو أن الدارقطني أيضا توهم أنه هو، ففي " اللسان " أن الدارقطني

أورد الحديث في " الغرائب " وقال:

" هذا حديث غير محفوظ عن مالك ولا عن سمي، والوليد بن مسلم ثقة، ومحمد بن

وهب، ومن دونه ليس بهم بأس، وأخاف أن يكون دخل على بعضهم حديث في حديث ".

قلت: ومنشأ الوهم أن كلا من الرجلين دمشقي، وكلاهما يروي عن الوليد بن مسلم

، وعنهما الربيع بن سليمان الجيزي، ولم يقع في إسناد هذا الحديث منسوبا إلى

جده بل كما تقدم " محمد بن وهب الدمشقي "، فاشتبه الأمر على ابن عدي

والدارقطني والمعصوم من عصمه الله. على أنهما قد اتفقا على إنكار الحديث،

وذلك مما يدل اللبيب على دقة نقد المحدثين للمتون، فإنهما مع ظنهما أن راوي

الحديث هو محمد بن وهب بن عطية الثقة فقد أنكراه عليه، وحاول الدارقطني أن

يكتشف العلة بقوله: " وأخاف .. "، لكن الله تعالى ادخر معرفتها للحافظ ابن

عساكر، مصداقا للمثل السائر: كم ترك الأول للآخر!

وإذا عرفت هذا فقد أخطأ الإمام القرطبي خطأ فاحشا في عزوه هذا الحديث لرواية

الوليد بن مسلم فقال في " تفسيره " (18/ 223):

" روى الوليد بن مسلم قال: حدثنا مالك .. " إلخ.

فإن جزمه بأن الوليد روى ذلك معناه أن من دون الوليد ثقات محتج بهم، وكذلك من

فوقه كما هو باد للعيان، فينتج من ذلك أن إسناد الحديث صحيح، ولا يخفى ما

فيه!

ويشبه صنيع القرطبي هذا، عزوالجويني لحديث " الاغتسال بالماء المشمس يورث

البرص ". وهو باطل كهذا (1) عزاه للإمام مالك، فأنكر العلماء ذلك عليه،

فقال الحافظ بان حجر في " التلخيص ":

" واشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية

مالك! والعجب من ابن الصباغ كيف أورده في " الشامل " جازما به، فقال: " روى

مالك عن هشام ". وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد ".

ثم تذكرت أن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة كما قال الدارقطني آنفا؛ لكنه كثير

التدليس والتسوية كما قال الحافظ في " التقريب "، وتدليس التسوية هو أن يسقط

من السند رجلا من فوق شيخه، كأن يكون مثلا بين مالك وسمي رجل فيسقطه، فهذا

الفعل يسمى تدليس التسوية عند المحدثين، والوليد معروف بذلك عندهم،

فالمحققون لا يحتجون بما رواه الوليد إلا إذا كان مسلسلا بالتحديث أوالسماع.

والله أعلم.

وعليه ففي الحديث علة أخرى وهي العنعنة.

وقد وجدت له شاهدا من رواية الحسن بن يحيى الخشني عن أبي عبد الله مولى بني

أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به، دون قوله:

" ثم قال صلى الله عليه وسلم: فأكملهم .. ".

أخرجه الواحدي في " تفسيره " (4/ 157/2) وابن عساكر في " تاريخه " (17/ 247/1

)، ومن طريقه فقط ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " مجتزأ من إسناده على

قوله: " عن أبي عبد الله .. " مشيرا بذلك إلى أنه علة الحديث. وقد فتشت عنه

في كتب الرجال، فلم أجده، فهو مجهول غير معروف.

على أنه كان يحسن بالحافظ ابن كثير بل يجب عليه أن يبتدئ بإسناده من عند

الخشني الراوي عن هذا المجهول، لكي لا يتوهم الواقف عليه أنه لا علة فيه غير

المجهول المشار إليه، كيف والخشني هذا متروك متهم برواية الأحاديث الموضوعة

التي لا أصل لها! وقد سبق أحدها برقم (201)، فراجعه والذي قبله.

نعم قد صح من الحديث طرفه الأول:

" إن أول شيء خلقه الله القلم، وأمره فكتب كل شيء ".

وهو مخرج في السلسلة الأخرى برقم (133).


¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير