ومثله الراوي عنه ابن زياد العصفري. قال ابن القطان:
" مجهول ".
وقال الذهبي:
" لا يدرى من هو؟ عن مثله! " يعني حبيبا.
وأما الاضطراب، فإن محمد بن عبيد رواه كما ذكرنا، وخالفه مروان بن معاوية الفزاري فقال: عن سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم " أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ... " الحديث.
أخرجه أحمد (4/ 178 و232 و322) والترمذي (2/ 48) وقال:
" هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا عليه في رواية هذا الحديث، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم ".
ثم ساقه من الطريق الأولى، ثم قال:
" هذا عندي أصح، وخريم بن فاتك له صحبة ".
قلت: لكن الراوي عنه مجهول، وكذا الذي بعده كما عرفت، فالحديث ضعيف، وقد أشار إلى ذلك الترمذي بقوله: " حديث غريب ".
(تنبيه): قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان والراوي عنه زياد العصفري هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي، ومع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ في كتابيه " التهذيب " و" التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ (دق) ففاتهم الرمز له بـ (ت) أيضا. والآخر رمزوا به بـ (س) أي النسائي، ففاتهم الرمز له بالثلاثة (د ق ت)، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور (س) أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى. والراجح الأول. والله أعلم.
ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج به الشيخان، ومثله المخالف له مروان بن معاوية، وليس فيه علة سوى أنه كان يدلس أسماء الشيوخ، وشيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا!
49 - " من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى بن مريم فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ ربا غيري ".
باطل. السلسلة الضعيفة (1082)
رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (265/ 1 - 2): حدثنا محمد ابن الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد: حدثنا إسماعيل ابن أبي إدريس: حدثنا مالك بن أنس: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا.
قلت: وهذا حديث باطل، المتهم به شيخ الكلاباذي محمد بن الحسن، أوشيخه الحسين بن محمد بن أحمد، فقد جاء في " الميزان ":
محمد بن الحسن بن علي بن راشد الأنصاري، عن وراق الحميدي، فذكر حديثا موضوعا في الدعاء عند الملتزم، وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد عليه فقال:
ووجدت في " كتاب معاني الأخبار " للكلاباذي خبرا موضوعا.
ثم ذكره بإسناد كما نقلناه عنه، إلا أنه وقع فيه عنده تحريف في بعض الأسماء، وقال عقبه مشيرا إلى الأنصاري هذا الذي ترجمه الذهبي:
وقد غلب على ظني أنه هذا، وشيخه ما عرفته بعد البحث عنه.
وقال في ترجمة شيخه الحسين بن محمد بن أحمد:
عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بخبر باطل مضى ذكره قفي ترجمة محمد بن الحسن ابن علي بن راشد.
وقوله: " مضى " سبق قلم منه رحمه الله، والصواب: " يأتي " كما هو ظاهر، وقول المصحح في تعليقه على " اللسان ":
هكذا في الأصل، ولكن كيف يمكن مضيه من قبل، ولم يأت إلى الآن من اسمه محمد؟! فلعله تصحيف اسم آخر.
وأقول: لا تصحيف، ولورجع إلى ترجمة محمد بن الحسن، لوجد فيها الحديث المشار إليه، ولعلم أن الخطأ في قوله " مضى "، والله أعلم.
واعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي، ونزول عيسى، وبالقدر خيره وشره، كل ذلك واجب الإيمان به، لثبوته في الكتاب والسنة، ولكن ليس هناك نص في أن " من أنكر ذلك فقد كفر "، ومن أجل هذا أوردت الحديث وبينت وضعه، وهو ظاهر الوضع، وكأنه من وضع بعض المحدثين أوغيره من الجهلة، وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء والمعتزلة، ولن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والافتراء على الله تعالى، فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل.
¥