وهذا القول الثاني إلى مذهب مرجئة الفقهاء أقرب، وقد وقع أصحابه في تناقض أشرت إليه هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=170044
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:46 ص]ـ
الإيمان عند الجهم = المعرفة.
الإيمان عن الأشعرية = التصديق.
المعرفة = التصديق
الإيمان عند الجهم = الإيمان عن الأشعرية
الإشكال في أي عبارة من هذه العبارات؟
بارك الله فيك , و أحسنت في هذا الأسلوب العلمي , و أنا والله أعلم أنك و الشيخ الفاضل عبد الباسط الغريب أعلم مني إجمالا في هذا الباب و في غيره ,و لا أدل على ذلك من تخصصكم في مشاركاتكم في هذا المنتدى المبارك في مقالات أهل الكلام عموما والأشاعرة خصوصا.
وهذا لايمنع من أشير إلى الخطأ , إذا ثبت عندي أنه خطأ , بل كشف الخطأ لأمثالكم أولى , حتى لا تتخذوا من الخطأ مقدمة لبعض ححجكم , فتفسد و لا يقوم مقاكم ويسد مكانكم أحد.
الإشكال في قولك: المعرفة = التصديق.
فإن كنت تقصد أن المعرفة عندك = التصديق عندك , فهذا كما لا يخفاك أجنبي عن موضوعنا.
و إن كنت تقصد أن المعرفة عند الجهمية = التصديق عند الأشاعرة , فهذا فيه نظر.
المعرفة عند الجهمية:
قال أبو عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - في آخر كتاب الإيمان: قالت الجهمية: الإيمان معرفة الله بالقلب، وإن لم يكن معها شهادة لسان، ولا إقرار بنبوة، ولا شيء من أداء الفرائض , احتجوا في ذلك بإيمان الملائكة، فقالوا: قد كانوا مؤمنين قبل أن يخلق الله الرسل.
فهو كما ترى معرفة بلا إذعان و لا إقرار.
التصديق عند الأشاعرة:
قال الأيجي: (والتلفظ بكلمتي الشهادتين مع القدرة شرط , فمن أخل به فهو كافر مخلد في النار , و لا تنفعه المعرفة القلبية من غير إذعان و قبول فإن من الكفار من كان يعرف الحق يقيناً , وكان إنكاره عناداً و استكباراً
فهو كما ترى معرفة بإذعان و إقرار.
مع العلم أن الإيمان عند الأيجي بسيط كجمهور الأشاعرة , وهو التصديق فقط!
قال في المواقف: (و أما في الشرع - يقصد الإيمان - وهو متعلق ما ذكرنا من الأحكام فهو عندنا و عليه أكثر الأئمة كالقاضي و الأستاذ و وافقهم على ذلك الصالحي وابن الراوندي من المعتزلة: التصديق للرسول فيما علم بمجيئه به ضرورة تفصيلا فيما علم تفصيلا و إجمالا فيما علم اجمالا , فهو في الشرع تصديق خاص). المواقف بشرح الجرجاني ج8ص322 ط السعادة.
فإذا كان الإيمان عنده هو التصديق فقط , و أن من لم يذعن لن تنفعه المعرفة القلبية , كما هو ظاهر في النقل الأول والثاني.
فهل تراه - حفظك الله و طهر قلبك - يقول بخلود بعض من يصدق عليه اسم الايمان - عنده - في نار جهنم؟
و أنا كذلك أقول دلني أين أخطأت؟
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:58 ص]ـ
و الذي يظهر لي والله أعلم أن الفرق بين مذهب الأشعرية في الإيمان ومذهب الجهم إنما يحصل بمعرفة مرادهم بالتصديق، أو: هل أعمال القلوب تدخل عندهم في الإيمان أم لا؟
فمن فسر التصديق منهم بالعلم، كالقاضي الباقلاني في التمهيد، أو بالمعرفة كما نقل الشهرستاني في نهاية الإقدام عن أبي الحسن أنه فسر التصديق تارة " بالمعرفة بوجود الصانع وإلهيته وقدمه وصفاته "، أو فسره بالتصديق المجرد عن الإذعان والقبول؛ فهذا قوله قول الجهم قطعاً.
بارك الله فيك , الآن إنحل الإشكال , و استبان لي أن لهم في التصديق قولان: أنه مجرد المعرفة الخالية من الإذعان , وهذا لا شك هو عين مذهب الجهمية في الإيمان كما قلت.
و الثاني هو جعل التصديق مركب من المعرفة و الإقرار كما سبق عن الأيجي و البيجوري كما أفدته.
أما الآخرون، وهم الذين أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان، فالتصديق عندهم غير التصديق عند أولئك، ومن هؤلاء البيجوري حيث قال: " والمراد بتصديق النبي في ذلك: الإذعان لما جاء به، والقبول له، وليس المراد وقوع نسبة الصدق إليه في القلب من غير إذعان وقبول له حتى يلزم الحكم بإيمان كثير من الكفار الذين كانوا يعرفون حقيقة نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم، ومصداق ذلك قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} ".
وهذا القول - وهو إدخال أعمال القلوب في الإيمان منقول عن الأشعري كما في مجرد المقالات 154، وهو مقتضى كلام الغزالي في الاقتصاد.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 04:14 ص]ـ
أحبك الله الذي أحببتني فيه أخي الغنامي، وأحي الشيخ الكريم الدمشقي.
ولو أنني استغربتُ منه إنكاره على الشيخ أحمد عطية ما قاله.
لأني الذي أعرفه عن أبي الحسنات أنه لا يلزم الأشاعرة بقول جهم في مقالات سابقة، ومنها أنه لا يصح إلزام الأشاعرة بإيمان أبي طالب الذي حقق المعرفة عند الجهمية، لأن قولهم ليس كقول جهم.
ثم إن من قال بأن التصديق يدخل فيه أعمال القلوب، لا يدخل في مسألتنا لأنه قطعًا لا يلزمه قول جهم من أي جهة.
إنما مسألتنا هي التصديق الذي وصف به شيخ الإسلام ابنُ تيمية الأشاعرةَ أنه عين قول جهم وهي المعرفة.
فلا وجه لاستنكار أخي أبي الحسنات على الغنامي في أول تعقيب له، لأنه مادام:
- أن الأشعري صحَّ عنه وعموم متأخري الأشاعرة أنهم يدخلون أعمال القلوب في التصديق.
- وأنَّ شيخ الإسلام استصعب التفريق بين المعرفة عند جهم وبين التصديق الخالي من الانقياد بقوله السابق.
فلا يصحُّ أن نستنكر على من فرّق بين مذهب الأشعري ومذهب جهم في تعريف الإيمان إلا من قبل رجل لا يعرف عن الأشاعرة إلا قول الباقلاني وما نسبه الشهرستاني لأبي الحسن!!
¥