بل إننا نجد من الكلام (المنسوب) إلى هؤلاء الأئمة ما يخدم الطريقة الفلسفية، يساق جنبا إلى جنب مع أقوالهم في التقيد بالشريعة، والاتباع يسمعون هذا مع هذا، ولا يدركون التناقض، بل تفسر لهم مؤتلفة متفقة، فيعتنقون هذا التصوف بانحرافاته، وهم يزعمون ويظنون أنهم لم يخالفوا الشريعة!!.
فالحاصل والواقع أن طريقة هؤلاء الأئمة الذين أعلنوا التقيد بالشريعة: مجهولة، غير معروفة .. !!.
فإذا كان هذا هو الحال: فكيف يمكن أن يقال: إن تصوف هؤلاء الأوائل هو التصوف الصحيح المحمود؟.
فهذه إحالة إلى مجهول غير معلوم، إلى خطوط عامة، ليس تحتها تفصيلات جلية، كتلك التي في الاتجاه الفلسفي، فمريد التصوف لن يجد هذه الطريقة السنية المزعومة، لن يجد مفصلا إلا الفلسفي أو البدعي .. !!. ولو قيل: بل الطريقة معروفة، هي طريقة السلف، أهل القرون المفضلة.
فيقال: إذا كان كذلك فلا يصح تسميتها بالتصوف، وقد علم أن هؤلاء لا خبر لهم بالتصوف، وهل من فائدة تجتنى من ذلك إلا تصحيح الطريقة الصوفية الفلسفية؛ إذ لا وجود في الواقع لغيرها، فكل تحسين وتصحيح فلا يتجه إلا إليها؟. "
انتهى
على حين نجد كلام شيخ الإسلام هكذا:
" الصواب " أنهم مجتهدون في طاعة اللّه، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة اللّه، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب.
ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه.
وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم: كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشائخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق. مثل: الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره. كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي؛ في " طبقات الصوفية " وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد " انتهى
فجعل شيخ الإسلام أهل الزندقة والإلحاد منتسبون إلى الصوفية وليسوا منهم على الحقيقة، وكلام الدكتور أن الزندقة والإلحاد هي الأصل في التصوف.
وإذا رجعنا إلى موضوعنا وهو إطلاق المعاصرين القول بذم المتصوفة على العموم على خلاف ما عن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وجدنا الحال على ما هو عليه، ولم أر في مشاركات الأخوة جوابا مقنعا لهذا الإشكال.
وانظر مثلا في كلام الدكتور الخوجة إذ يقرر موقف شيخ الإسلام منهم فيقول:
وموقف ابن تيمية من التصوف يمكن إيجازه في أربع كلمات:
- الكلمة الأولى:
أنه يقرر بدعية التصوف، كما يقرر بدعية الكلام، سواء بسواء. (الفتاوى [10/ 358،366،592]، [11/ 508،555]، [2/ 13،41،54]، الاستقامة 1/ 90،220 - 221])
- الكلمة الثانية:
لا يحكم بضلال عموم المتصوفة:
- بل من أصاب منهم شيئا من الحق (كالجنيد): أثنى عليه، وأمر بالاقتداء به، فيما أصاب فيه.
- ومن أخطأ (كالشبلي): اعتذر له. وذم خطأه، ونهى عن متابعته.
- ومن كان منهم رأسا في الكفر والزندقة (كابن عربي)، لم يتردد في بيان ضلاله.
- الكلمة الثالثة:
ثناؤه على المصيب من أئمة التصوف، ليس شهادة أنه على السنة في كل أموره، بل ثناء نسبي، ودليل ذلك: أنه لا يعدل بأهل القرون الثلاثة المفضلة أحدا، ويقرر أن أئمة التصوف دونهم في المنزلة واتباع السنة (الاستقامة [1/ 89،163]، الفتاوى [2/ 13]، [10/ 362]) وعندما يذكر موافقتهم للسلف، فإنما بحسب سياق المسألة التي بصددها، كما هو الحال حين كلامه على موقفهم من الصفات (الاستقامة 1/ 82 - 91، 94،102،111).
ولا يمتنع من بيان ما أخطؤوا فيه. وموقفه هذا مبني على أساس التزمه وعمل به، وهو: منهج الموازنة والمعادلة. فيعرف لأئمة التصوف ما لهم، وما عليهم، فلا يبخسهم حقهم، ولا يسكت عن خطئهم. (الفتاوى 10/ 362 - 366)
- الكلمة الرابعة:
أنه مع تقريره بدعية التصوف، يقرر كذلك أنه لا يخلو من حق، يؤخذ به، ويحمد عليه، وهكذا الأمر في الكلام والرأي، فالمنهج الذي يقرره: أن المذهب البدعي ليس كل ما فيه باطل، بل فيه من الحق بقدر ما فيه، والعدل والميزان: أخذ ما فيه من حق، وترك باطله.
مع الإشارة إلى أن ذلك الحق أصله موجود في السنة، وكأنه يرمي إلى أن الإشادة بالحق، ولو تضمنه مذهب بدعي، ينفع في هداية المعتنقين لهذا المذهب؛ إذ لا يتلقون إلا عنه. فهو إذن يتبع منهج المعادلة والموازنة في حكمه على الأفكار، كما في حكمه على الأشخاص (الفتاوى 10/ 82،370
انتهى كلامه
وإذا جئنا للمعاصرين وجدنا أحدهم يجرح بشر بن الحارث الحافي، وقد زكاه الإمام أحمد، فأيش هذا؟!!!
يا أخي أظن الدكتور وضح موقف شيخ الإسلام في الكلام الأخير وهو موقفه من أي منهج أو مذهب محدث والكلام الذي نقلته في أول مشاركة قد يكون غير محرر أو مجملاً فلا يعتمد عليه وحده في مجال تقرير موقف الإمام من التصوف والصوفية
وهناك رسالة جامعية عن هذا الموضوع على ما أظن
وعلى كل بعض من يمدحهم ابن تيمية كالجنيد وغيره لم يكونوا على الجادة وإنما كانوا يظهرون الالتزام بالكتاب والسنة
وأظن دارسي التصوف المتخصصين: مثل
الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله تعالى
الدكتور لطف الله خوجه وفقه الله
وصاحب كتاب عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية
وصاحب كتاب الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ (وإن كان هذا الأخير فيه نقص في التوثق من الوقائع كذكره أبا بكر النابلسي ضمن أئمة التصوف الذي قتلوا لانكشاف أمرهم وإنما قتله العبيديون وهو صاحب المقولة الشهيرة لو كان معي عشرة سهام لرميت الروم بواحد والعبيديين بتسعة)
أظنهم وغيرهم أبانوا عن حقائق أصل التصوف وأنه مذهب موجود قبل الإسلام
أما عن بشر بن الحارث فلم أسمع أحداً من العلماء يجرحه إلا أن يكون من الشباب المتسرع ولعله لا يخفى عليك أن الإمام أحمد قال لو أن بشراً تزوج لكمل فأخذ عليه عدم التزوج
¥