إن هذه الدعوة بجذورها، وشعاراتها، ومفرداتها، هي من أشد ما ابلي به المسلمون في عصرنا هذا، وهي أكفر آحاد: " نظرية الخلط بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والهدى والضلالة، والمعروف والمنكر، والسنة والبدعة، والطاعة والمعصية ".
وهذه الدعوة الآثمة، والمكيدة المهولة، قد اجتمعت فيها بلايا التحريف، والانتحال، وفاسد التأويل، وإن هذه الأمة المرحومة، أمة الإسلام، لن تجتمع على ضلالة، ولا يزال فيها - بحمد الله - طائفة ظاهرة على الحق، حتى تقوم الساعة، من أهل العلم والقرآن، والهدى والبيان، تنفي عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فكان حقاً علينا وعلى جميع المسلمين: التعليم، والبيان، والنصح، والإرشاد، وصد العاديات عن دين الإسلام. ومن حذر فقد بشر.
[ختاما]
(الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبعد:
فهذا ما أردت التنبيه إليه مما وقع فيه بن باديس - رحمه الله تعالى - في موضوع خطير وهو: (تقارب الأديان؛ و حريتها، و احترامها، و الأخوة الإنسانية .. ) ولم أقصد الاستيعاب وليس سوقي لهذه الأخطاء انتقاصا لهذا الشيخ العظيم أو هضما لحقه أو محاكمة لشخص المؤلف - رحمه الله تعالى - وهو بين يدي ربه - عز وجل-.
و إنما هي أمور رأيت من اللازم عليَّ شرعا أن أنبه عليها و ألفت أنظار الإخوة إليها حتى يكونوا على بينة من أمر دينهم، والله أسال القبول وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي يوم ألقاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين) (13)
وكتبه/ عبد الحق آل أحمد الجلفاوي
بتاريخ:13/ربيع الثاني/1430هـ. الجزائر
-------
الحواشي:
(1): مقتبس من كلام الشيخ العلامة/ بكر بن عبد الله أبو زيد – رحمه الله تعالى – كما في كتابه النافع (الإبطال لنظرية الخلط .. ).
(2):ينظر على سبيل المثال: (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، ص: 10 - وما بعدها)، و (آثار الإبراهيمي:1/ 181).
(3): ينظر: صفحة (635) من كتاب: (دعوة التقريب بين الأديان .. ) للشيخ الدكتور/ أحمد القاضي- سدده الله تعالى -و (ص:398 - وما بعدها).
(4): (الإبطال .. ) للشيخ/ بكر - رحمه الله تعالى -.
(5): ينظر المصدر السابق.
(6): فائدة: حول لفظة: " (إنسانية): اتسع انتشار هذه اللفظة البراقة بين المسلمين عامتهم وخاصتهم، ويسْتمْلِحُ الواحد نفسه حين يقول: هذا عمل ((إنساني)).
وهكذا حتى في صفوف المتعلمين، والمثقفين، وما يدري المسكين أنها على معنى ((ماسونية)) وأنها كلمة يلوكها بلسانه وهي حرب عليه؛ لأنها ضد الدين فهي دعوة إلى أن نواجه المعاني السامية في الحياة بالإنسانية لا بالدين.
إنها في المعنى شقيقة قول المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.
والخلاصة إنها محاربة المسلمين باسم: الإنسانية، لتبقى اليهودية، ويمحى رسم الإسلام، قاتلهم الله وخذلهم.
وجزى الله الشيخ / محمد قطب، خيراً على شرحه وبيانه لهذا المذهب الفكري المعاصر ((الإنسانية)) في كتابه النافع ((مذاهب فكرية معاصرة)) ص / 589 – 604 فأنظره فإنه مهم. واهجر هذه الكلمة، لاتهم".اهـ
(7): مقتبس من كتاب (العواصم .. ) للشيخ الدكتور/ ربيع بن هادي المدخلي – بارك الله فيه-.
(8): المصدر السابق بتصرف.
(9): المصدر السابق بتصرف.
(*): قارن كلام الشيخ ابن باديس هذا بكلام العقلاني: (محمد عبده) في: [كتابه: (رسالة التوحيد) ص:205، طبعة خامسة للمنار، سنة:1346هـ، بتعليق/ محمد رشيد رضا، وكتابه: (الإسلام و النصرانية بين العلم و المدنية) ص:57، تقديم و تعليق/ محمد رشيد رضا. طبعة المؤسسة الوطنية للكتاب. الجزائر سنة1988م]، ليظهر لك مدى التأثر والتطابق في هذا الموضوع. بله قد وافقه في تعريفه لبعض صفات الله – جل وعلا- كالسمع و البصر وأنها صفات انكشاف، والظاهر المراد من النصوص، وحديث الآحاد، وقارن – إن شئت- بكتاب (العقائد الإسلامية) لابن باديس، والله أعلم.
(10): ينظر: (الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- و الديمقراطية) ضمن سلسلة (التنبيهات السلفية على أغلاط عقدية) [1].
¥