ـ[أبو الفهد العرفي]ــــــــ[16 - 08 - 09, 01:02 م]ـ
4 - في (ص20) لما تحدث عن الكائنات، قال:
" لا بد من قوةٍ وراءَ هذه الظواهر جميعها , لا بد من موجد لها , قائم عليها , منظم لوجودها , ممسك ببقائها , سم هذه القوة ما شئت من أسماء , وبأية لغة , وعلى أي لسان , إنها (الله)، خالق الكون , ومدبر الوجود , وهذا ما يسمى بالتوحيد , أي: الإيمان بالقوة الواحدة الموجدة لكل شيء , والمتصرفة في كل شيء " اهـ.
- ولنا على هذه الجملة ملاحظتان:
الأولى: أنه جوز أن يسمى الله قوة , وهذا خطأ , لأن أسماء الله توقيفية , فلا يسمى إلا بما يسمي به نفسه , أو سماه به رسوله , وقد سمى نفسه بالقوي , كما قال تعالى: {يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ}.
وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}.
والقوة صفته , كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
فالقوي: اسمه , والقوة صفته سبحانه , وهناك فرق بين الاسم والصفة.
ثم إنه لا يجوز لنا أن نسمي الله بما شئنا من أسماء؛ لأن أسماءه توقيفية , فلا نسميه إلا بما سمى به نفسه.
الملاحظة الثانية: أنه فسر التوحيد بأنه الإقرار بأن الله هو مدبر الوجود وموجده , فإن أراد أن هذا هو توحيد الربوبية , فهذا صحيح , لكن هذا التوحيد لا يكفي ولا ينجي من عذاب الله , ولا يدخل صاحبه في الإسلام , ولا يعصم دمه وماله , لأن الكفار يقرون بهذا وهم كفار.
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} , {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
وإن أراد أن هذا هو التوحيد المطلق المطلوب من الخلق , فهذا خطأ واضح: لما ذكرنا من أن الكفار أقروا به ولم ينفعهم في الدنيا , ولا ينفعهم في الآخرة , وسماهم الله كفارًا لما لم يقروا بتوحيد الإلهية الذي هو عبادته وحده لا شريك له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" فإقرار المرء بأن الله رب كله شيء ومليكه وخالقه لا ينجيه من عذاب الله إن لم يقترن به إقرارًا بأنه لا إله إلا الله , فلا يستحق العبادة أحد إلا هو , وأن محمدًا رسول الله , فيجب تصديقه فيما آخر به وطاعته فيما أمر ".
وقال أيضًا:
" وقد أخبر الله سبحانه عن المشركين من إقرارهم بأن الله خالق المخلوقات ما بينه في كتابه , فقال:
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أو أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
وذكر آيات كثيرة في هذا المعنى , ثم قال:
وبهذا وغيره يعرف ما وقع من الغلط في مسمى التوحيد , فإن عامة المتكلّمين الذي يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له , وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث، وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد. . ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب , وأن هذا هو معنى قولنا " لا إله إلا الله "، حتى يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع. ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولا لم يكونوا يخالفونه من هذا , بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، حتى إنهم كانوا يقرون بالقدر أيضًا , وهم مع هذا مشركون " اهـ.
ـ[أبو الفهد العرفي]ــــــــ[16 - 08 - 09, 01:03 م]ـ
5 - في (ص47) ذكر الأستاذ أن الشيخ محمد عبد الوهاب التقى في المدينة بالشيخ أبي المواهب البلعي الدمشقي وأخذ عنه الفقه.
- ولا ندري علي أي شيء اعتمد في ذلك مع أن الذين ترجموا للشيخ وكتبوا في سيرته من أحفاده وتلاميذهم غيرهم لم يذكروا أبا المواهب من جملة شيوخه، والظاهر أن بينهما مدة زمنية تمنع من إدراك الشيخ لأبي المواهب.
ثم قال الأستاذ (ص63):
¥