تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: مثل ذلك الكلام من القشيري، يتعبر ناقضا لفكرة أن التصوف هو الزهد في الإسلام؛ فسكوتهم عنه دليل موافقة، ولو كان الأمر عندهم خطأ وخطيرا، لانبروا بردود مفصلة، لا أقل من فصل في كتاب، إن لم يكن كتابا مستقلا، يكشف به زيف كلام القشيري، لكنهم سكتوا، وتعليقاتهم تلك تعليقات وجلة وعلى الاستحياء في سطرين أو ثلاث، لا تعتبر نقدا ولا نقضا.

ما أعنيه:

أن الصوفية كانوا يدركون التصوف ليس هو الزهد، لذا لم يهتموا كثيرا بنقض كلام القشيري، حتى جاء الاخ عايض الدوسري فخصصه بنقد، لم يسبق إليه .. ولم يفرح به إلا من له غرض ترويج التصوف.

لدي ما أقوله أكثر، وفي كلام الأخ الدوسري كثير من التجاوزات، يفطن إليها القارئ، لا أريد تتبعها والسلام.

لطف الله خوجه – مكة المكرمة

ـ[عايض الدوسري]ــــــــ[28 - 08 - 09, 02:57 ص]ـ

تتمة التعليقات النقدية (2)

تلافياً لما وقع في مبدأ بحثنا مع أخي الفاضل د. لطف الله، سوف أعرض عن جميع الانتقادات الجانبية ذات الطابع الشخصي، وسوف أحصر كلامي في المسألة العلمية وحدها غاضاً الطرفَ عن كل ما لا علاقة له بالجانب العلمي المحض. فذاك خير لي ولأخي د. لطف الله وفقه الله. فتوقفي في المرةِ الأولى كان بسبب تلك المناوشات الشخصية التي تفسد الجو العلمي. وحيث طلب الإخوة –وعلى رأسهم د. عبدالعزيز قاسم- العودة للمباحثة، فليكن الكلام محصوراً فقط في الجانب العلمي وحده. وإن رغب الإخوة في المجموعة أو أخي الدكتور لطف الله في إقفال هذه المباحثة نهائياً، فلا مانع لدي. -

ذكرتُ في التعليق الأول رأي د. لطف الله وأدلته، وأجبتُ عن اثنين من أدلته التي رآهما دليلين نقضيِّين، وقد تبيَّن أنهم ليسا كذلك، والبقية ستلحق بإذن الله.

ولعل من الجدير بالتنويه أنَّ المسألة التي قادت د. لطف –وفقه الله- إلى التزام هذا الرأي غير الصائب، هي خطؤه حين فرض التلازم بين إسلامية التصوف إذا كان مُشتقًا من الصوف، ونفي إسلاميته إذا لم يكن كذلك.

يقول د. لطف الله: (من قال بأن التصوف فلسفي، ليس فيه اعتدال، فإنه استند إلى إنكار نسبة التصوف إلى الصوف).

وهذا الكلام غير صحيحٍ ألبتة، فالأخ د. لطف الله –وفقه الله- أحسبه يعلم علمًا جيدًا أنَّ من العلماء والباحثين المعروفين من يرى أنَّ التصوف لا اعتدال فيه، وكله تطرفٌ وغلوٌ، ومع ذلك يوافقون على أن اشتقاقَه من الصوف، وكذلك بالعكس فمن الصوفية من لا يرى أنه مشتقٌ من الصوف لكنه لا يراهُ أجنبياً، بل إسلامياً محضاً. فإحدى أهم منابع الخطأ في كلام أخي د. لطف الله هو فرض هذا التلازم المتوهَّم.

وقد قال "د. أحمد محمود صبحي" عن الذي يرى هذا التلازم: (فترجيح اعتقاده إنما يرجع في الغالب إلى فكرة مسبقة لا إلى ما يؤدي إليه البحث الموضوعي المحايد).

وقد بينتُ في التعليق النقدي الأول أنَّ مستند د. لطف الله الأعظم هو نصُّ القشيري الذي ذكر فيه أن الصوفيةَ (لم يختصوا بلبس الصوف)، وقد بينتُ خطأ استدلاله به وتحميله للنص مالا يحتمل، ثم بينتُ كذلك بالنصوص العديدة عن المتصوفة وغيرهم خطأ ما ذهب له د. خوجة استنادًا على ذلكم النص اليتيم المحتمل.

وقبل أن أشرعَ في التعليق الثاني على تقريرات أخي د. لطف الله، أنبه إلى بعض الخلل الذي بدا لي في تعليقه الأخير. فالقشيريُّ حين قال: (لم يختصوا بلبس الصوف) جاء د. لطف الله واستنبط من هذه الكلمة أنهم: (لم يشتهرو بلبس الصوف، ولم يُعرفوا بهذا اللباس، لا قديما ولا حديثاً، وأعرضوا عن لبسه، ولم يتميزوا به).

وقد ذكرتُ أن هذا التفسير من أخي الدكتور تفسير خاطئ لكلام القشيري. فنفي الاختصاص لا يعني نفي الشهرة. فالصوفية اشتهروا بلبس الصوف. لكنهم لم يختصوا به. فغيرهم يلبسه أيضاً. لكن سبب شهرة الصوفية بلبسه أنهم يفعلونه قصداً و تعبداً ويعتبرونه سنةً وقربةً، فلذلك صار الغالب عليهم. ولذلك اشتهروا به. وليس من شرط شهرة الأعيان بالشيءٍ ألا يشاركهم أحد فيه، لم يقل أحدٌ بذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير