تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعود إلى هذه العبارة طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، أولا يحسن هناك التنبيه، أن جل النسخ المطبوعة للفتوى الحموية، وردت هناك عبارة بعد هذه العبارة، وهي العبارة التي جاءت بعد هذه العبارة، وإن كانت هذه العبارة إذا صدرت من بعض العلماء، قد يعني بها معنى صحيحا، في الواقع وبعد البحث والتتبع، وجد أن هذه العبارة مدسوسة في كلام شيخ الإسلام، وذلك للأمور التالية:

أولا: أن هناك تسع نسخ خطية للحموية لم ترد بها هذه العبارة، الأمر الثاني: أن ابن عبد الهادي الذي هم تلميذ شيخ الإسلام، ساق في كتابه الكواكب الدرية جزء من الحموية، ولم ترد هذه العبارة، فيما أورده، الأمر الثالث: أنها باطلة بكل المعاني، وليس لها مخرج صحيح، الأمر الرابع: أن هذه العبارة وجدت تعليقا على النسخة الحجرية، التي طبعت لأول مرة لما طبعت الحموية، قديمة طبعت في الهند، وجدت هذه العبارة تعليق في الهامش، فلعل الناشرون الذين طبعوا الحموية، اعتمدوا على هذه النسخة، وأدخلوا هذه العبارة في صلب كلام شيخ الإسلام، ظنا منهم أنها من كلام شيخ الإسلام، طيب. نعود إلى معنى هذه الكلمة التي اشتهرت عن المتأخرين، قلنا: السبب في ذكر هذه العبارة، أنهم وجدوها مخرج لهم، طيب. ماذا يعنون بهذه الكلمة، طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم.

زعموا أن السلف فوضوا معاني النصوص إلى الله -عز وجل- نصوص، فقالوا: إن طريقة السلف هي التفويض، والتفويض أسلم، لأيش أسلم؟ قالوا: لأن هذه العبارة هذا اللفظ مثلا قول الله -عز وجل-: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ قالوا: يحتمل عدة احتمالات، يحتمل كذا، ويحتمل كذا، ويحتمل كذا، كونك تفوض المعنى إلى الله، هذا أسلم، لأنك ربما تختار معنى بيكون خطأ، وقالوا: هذه هي طريقة السلف، طريقة السلف فوضوا معاني نصوص الصفات إلى الله -عز وجل-، وهذا -كما سيأتي- كذب وافتراء على السلف، ما معنى التفويض، معنى التفويض: أنك تنفي المعنى الحق الظاهر من هذا النص ماشي، ثم تفوض معنى الآية والنص إلى الله -عز وجل-، فتقول قول الله -عز وجل-: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ هذه الآية لا تدل على إثبات اليدين لله -عز وجل- إذا ماذا تدل؟ الله أعلم بمراده في هذه الآية، قالوا: هذا هو التفويض، وهذا هو الذي سلكه السلف، وهذا هو الأسلم، طيب.

وطريقة الخلف قالوا: طريقة الخلف أعلم وأحكم، ليست أسلم، لكن أعلم وأحكم، ما هي طريقتهم؟ أنهم بحثوا في هذه النصوص، والتمسوا لها معاني، وأولوها صرفوها إلى المعاني، التي تتفق مع -كما يزعمون- المقدمات العقلية، الأدلة العقلية، البراهين العقلية، قالوا: هذه أعلم وأحكم، لكن ليست أسلم، الشيخ سيذكر في هذه الأسطر القادمة، أن هذه العبارة أو هذه الجملة فاسدة، وفيها كذب وافتراء على السلف، بل إن طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم، وهي التي تهدي إلى الطريق الأقوم، أما طريقة الخلف ففيها الضلال والانحراف، وهي التي تدعو إلى الشك والحيرة والانحراف، نعم.

قوله: فإن هؤلاء المبتدعة، الذين قالوا: إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، يقصدون منها ماذا؟ تفضيل أي الطريقتين، لا شك أن الأعلم والأحكم، أفضل من الأسلم، يعني أيهما أفضل وأجود، كون تعطي هذه العبارة، أو هذا الكتاب لإنسان يقرأه ويشرح لك معانيه، ويبين لك معانيه، ويفصل فيما احتواه هذا الكتاب، أو إنسان يقرأ لك، ويقول: الله أعلم بمراد هذا الكلام، أيهما أفضل، لا شك الأول، فهم أطلقوا هذه العبارة، لتفضيل طريقة الخلف على طريقة السلف، طيب. لماذا لجؤوا لذلك؟ قال الشيخ: إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث، فقط يؤمنون بهذا اللفظ، لكن ما معناه، قالوا: الله أعلم بمراده، فجعلوا السلف جعلوا الصحابة، وكبار الأئمة، بمنزلة الأمي الذي لا يفقه من هذا الكلام حرف واحد ولهذا قال: بمنزلة الأميين الذين قال فيهم: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص، المصروفة عن حقائقها، بأنواع المجازات وغرائب اللغات، نعم. طريقتهم -كما سيأتي- التأويل الذي هو في واقع الأمر تحريف، وليس بتأويل، يصرفون هذا النص عن حقيقته إلى معنى آخر، ويقولون: إن إطلاق هذا اللفظ على هذه الصفة مجاز، فيقولون -مثلا-: إطلاق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير