تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال: ومما يرد على زاعمي بطلان إيمان المقلد أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فتحوا أكثر العجم، وقبلوا إيمان عوامهم، كأجلاف العرب، وإن كان تحت السيف، أو تبعا لكبير منهم أسلم، ولم يأمروا أحدا منهم بترديد نظر، ولا سألوه عن دليل تصديقه، ولا أرجئوا أمره حتى ينظر

والعقل يجزم في نحو هذا بعدم وقوع الاستدلال منهم لاستحالته حينئذ، فكان ما أطبقوا عليه دليلا أي دليل على إيمان المقلد، وقال: إن التقليد أن يسمع من نشأ بقلة جبل الناس يقولون للخلق رب خلقهم، وخلق كل شيء من غير شريك له، ويستحق العبادة عليهم، فيجزم بذلك إجلالا لهم عن الخطأ، وتحسينا للظن بهم، فإذا تم جزمه بأن لم يجز نقيض ما أخبروا به، فقد حصل واجب الإيمان، وإن فاته الاستدلال لأنه غير مقصود لذاته بل للتوصل به للجزم وقد حصل.

وقال الإمام النووي: الآتي بالشهادتين مؤمن حقا، وإن كان مقلدا على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف، لأنه - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل، وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي، انتهى.

وبما تقرر تعلم أن النظر ليس بشرط في حصول المعرفة مطلقا، وإلا لما وجدت بدونه لوجوب انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، لكنها قد توجد فظهر أن النظر لا يتعين على كل أحد، وإنما يتعين على من لا طريق له سواه، بأن بلغته دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما بلغته دعوته، وصدق به تصديقا جازما بلا تردد، فمع صحة إيمانه بالاتفاق لا يأثم بترك النظر، وإن كان ظاهر ما تقدم الإثم مع حصول الإيمان، لأن المقصود الذي لأجله طلب النظر من المكلف وهو التصديق الجازم قد حصل بدون النظر فلا حاجة إليه، نعم في رتبته انحطاط، وربما كان متزلزل الإيمان فالحق أنه يأثم بترك النظر وإن حصل له الإيمان، ومن ثم نقل بعضهم الإجماع على تأثيمه لأن جزمه حينئذ لا ثقة به، إذ لو عرضت له شبهة عكرت عليه، وصار مترددا بخلاف الجزم الناشئ عن الاستدلال، فإنه لا يفوت بذلك، والله تعالى ولي التوفيق. [لوامع الأنوار البهية - (1/ 269 - 270)]

ـ[أبوحازم الحربي]ــــــــ[13 - 10 - 09, 03:06 م]ـ

لكي يستقيم الاستدلال بهذا الحديث لابد من مقدمتين.

الثانية: اثبات أن العصمة تستلزم تصحيح الإيمان. وهذا بعيد جداً. وما حال المنافقين الذين عُصمت دمائهم بكلمة التوحيد عنك ببعيد. ولا أظنك تلتزم تصحيح إيمانهم. والله أعلم.

جزاكم الله خيرًا يا أبا الوليد ونفع بكم

الآن من شهد ألاإله إلاالله وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله

ماذا تستلزم منه هذه الكلمة كلمة التوحيد؟

ألا تستلزم منه العمل بمقتضاها، والبعد عما يُنافيها ويهدم أصلها

إذًا لا نشك في إسلامه وإيمانه إلا إذا خالف مقتضى ما شهد به، أو ترك بعض ما كلف به جحدًا وإنكارًا، أو استباح المحرمات المعلوم بالضرورة تحريمها، فحينئذٍ لم تعصمه هذه الكلمة.

ثُمَّ الكلام هنا ليس في هذا، الكلام هنا في حكم التقليد في التوحيد

يعني شخص شهد شهادة التوحيد وبدأ يصلي ويزكي ويصوم ... الخ

هل لا تُقبل منه مثلاً الصلاة حتى يعرف دليل كل أمر منها؟!

هل لا تُقبل منه الزكاة حتى يعرف دليلها؟

هل ... الخ، أم يُكتفى منه بأدائها؟

الآن العامة هم يشهدون شهادة التوحيد، هل يعرفون شروطها؟!

أكاد أجزم أننا لو سألناهم قد لا يعرفون شرطا واحدً منها؟

هل هذا أثر في توحيدهم وإسلامهم!

إذًا القَول: بأن كُلَّ الأصول لا تَثبُتُ إلا بالأدلة ولا يُعَدُّ صَاحِبُهَا مُعْتَقِدًا لها إعتقادًا جَازِمًا صَحيحًا إلا بالأدلة ليس من قَولِ أهل السنة والجماعة.

ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[13 - 10 - 09, 06:57 م]ـ

يا أبا حازم, بارك الله فيك وفي والديك.

وهل نازعتك في تصحيح إيمان المقلد! كل ما في الأمر أني نازعتك في أحد أوجه استدلالك فقط. وهو اعتبار الحديث دليل على صحة إيمان المقلد. وهو ليس كذلك عندي. وهذا لا يعني أني لا أصحح إيمان المقلد ولا يعني أيضاً أني أصححه. غاية ما في الأمر أني قلت أن العصمة في الحديث لا تستلزم تصحيح الإيمان.

وأما أسئلتك السابقة كلها لا تلزمني أصلاً لأني لم أتبنى رأياً من البداية.

وفي المشاركة السابقة أسئلة ثم تُتْبعها بنتيجة بناءاً على أن المجيب لا يلتزمها. والأولى أن تذكر الأدلة عليها فلا يأتي مخالف ويقول لا أثبت لهم إيمان فتُنتقد استنتاجاتك جملة.

والهدف الرئيس عندي من المشاركة في هذا الموضوع هو الاستفادة لأن هذه النقطة كانت مطروحة في المدارسة مع بعض الإخوان منذ أيام. وجزاكم الله خيراً.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير