تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النار بشفاعة المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإن شاء عفا عنه، فأهل الكبائر يخرجون من النار بالشفاعة، وهذا ثابت في النصوص، فيمكن أن يغفر الله له ابتداءً ويدخله الجنة، ويمكن أن يعذبه حتى يتطهر من ذنبه ثم يُدخله الجنة، لكنه لا يُخلَّد في النار.

وأما عند المعتزلة فهو في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، بين الإيمان والكفر، وأما في الآخرة فهو مخلد في النار لا يخرج منها أبداً.

إذاً، ماذا يقول المعتزلة في أحاديث الشفاعة؟

يقولون: الشفاعة محسوبية، وليس في الإسلام محسوبية، فتطاولوا على البخاري وتطاولوا على مسلم، وتطاولوا على الأخبار.

فالمعتزلة ردوا الأخبار، وتجد من يقول بأن هذه الأخبار آحاد، لا تفيد اليقين في أمور الاعتقاد، بل هي ظنيات.

نقول: كيف هذا؟ ماذا نقول إذاً في الصلاة والصوم وغير ذلك من العبادات التي ثبتت بأخبار الآحاد؟!! أنقول عنها بأنها ظنيات؟!!، فطعنوا في البخاري وطعنوا في مسلم وأنكروا الشفاعة تحت مسمى إنفاذ الوعيد، فقالوا بأن الله تعالى إذا توعد الكافرين وتوعد العصاة لا يجوز أن يخلف وعيده.

نقول: هل أنتم تتكلمون عن بشر أم تتكلمون عن الله تعالى؟!! فالله تعالى إذا فعل فعلاً فإنه يحقق الحكمة من فعله، وهو غني عن العالمين، وله مطلق القدرة، وهو القدير وهو الحكيم.

ولما أجاب واصل بهذه الطريقة دون احترام لشيخه ودون علم أو نظر في كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، نظر له الطلاب نظرة سيئة، فقام واعتزل مجلس الحسن وجلس إلى سارية من سواري المسجد في البصرة، وانضم إليه بعد ذلك رجل آخر يقال له عمرو بن عبيد، واجتمع إلى واصل بن عطاء أراذل الناس من أتباع الجهم بن صفوان، فكان الحسن البصري يقول: اعتزلنا واصل، اعتزلنا واصل، وكان بقية طلاب العلم من تلاميذ الحسن البصري يطلقون عليهم المعتزلة، فارتسم عليهم هذا الاصطلاح عند عامة المسلمين.

فأصبحت المعتزلة امتداداً للجهمية، وظهر فِكر الجهم بن صفوان بشكل جديد يُسمى بفكر المعتزلة، وكانوا في البداية مجموعة صغيرة، ولم يظهر لهم تأثير قوي، بل كان تأثيرهم محدوداً، فمتى ظهر التأثير الكبير لفكر المعتزلة؟

أصَّل المعتزلة الأصول الخمسة لهم، واقتنع بكلامهم أحد أمراء بني العباس وهو المأمون بن هارون الرشيد، وكان رؤوس المعتزلة حينئذ بشر المريسي وأحمد بن أبي دؤاد وآخرين، وانضم إليهم المأمون بن هارون الرشيد قبل أن يتولى الخلافة وأقنعوه بكلامهم، وتحت مسمى الزهد والورع والتقوى والصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انخدع المأمون بكلامهم، فلما مات هارون الرشيد وتولى الخلافة من بعده المأمون بن هارون جعلهم بطانته والقضاة والوزراء، فقالوا له: أتترك الأمة على ضلال؟ وأقنعوه بأن يفرض على الناس مذهب المعتزلة والقول بخلق القرآن، فظهرت بدعة القول بخلق القرآن، وتحول المذهب السُّني السلفي، فانتهى عصر خير القرون، وبدأ عصر يقدمون فيه العقل على النقل، وفرضوا على الناس هذا الأمر بسلاح القوة، فقد قتل المأمون والمعتصم والواثق وبطانتهم كأحمد بن أبي دؤاد قاضي القضاة آلافاً من المسلمين ممن قالوا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، والله يتكلم كما يليق بجلاله، ونثبت ما أثبته الله لنفسه، ونصدق الله في خبره وننفذ أمره، فكانوا يُقتلون، فقُتل في هذه المحنة أناسٌ لا حصر لهم بسبب هؤلاء المعتزلة أصحاب العقول.

• شرح الأصول الخمسة عند المعتزلة.

الأصول الخمسة عند المعتزلة هي:

1. التوحيد

2. العدل

3. المنزلة بين المنزلتين

4. إنفاذ الوعيد

5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وهذه شعارات رنانة خبيثة، وكان الخليفة المأمون يقول بأنه حريص على الأمة حتى لا تتفرق، ويقول: "إن حشو الرعية وسفلة الناس لا يفهمون كلام الله، ويجب على خليفة المسلمين أن يُلزمهم بالحق الذي يراه الخليفة "، فألزم الناس بالقول بخلق القرآن على أساس أن هذا هو الحق.

أولاً: التوحيد

التوحيد عند المعتزلة هدم للتوحيد الذي ورد في كتاب الله وفي سنة رسوله ?، فما الفرق بين التوحيد عند المعتزلة والتوحيد عند أهل السنة؟

سنضرب مثالاً للتوضيح:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير