تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبهذا الدافع الخفي المطبوع في أعماق النفس الغربية - في أعماق اللاشعور - يحس الغربيون أن كل خطوة يخطوها " العلم " ترفع الإنسان فوق نفسه درجة، وتنزل الإله من عليائه بنفس القدر!

وتظل " المعركة " هكذا دائرة: كل فتح جديد من فتوحات العلم يخفض الإله ويرفع الإنسان، حتى تأتي اللحظة المرقوبة التي يتحلب لها ريق الغرب ويتلهف إليها، اللحظة التي " يخلق " فيها الإنسان الحياة، ويصبح هو الله!

وليس هذا التعبير من عندنا نصور به أفكار القوم. فهو نص تعبيرهم، قاله جوليان هكسلي في كتابه " الإنسان في العالم الحديث ". كما قاله غيره من العلماء الأوروبيين وهم ينددون بفكرة الله وفكرة الدين!

فلنا أن نقول أن " العقل الغربي " أصبح أصلاً في بناء ونشأة مذاهبهم المنحرفة

والحق أن الجاهلية الإغريقية اشتهرت بجهد فكريّ ضخم، متمثل في " الفلسفة " و " المنطق "، معنيٍّ بالتفكير في الكليات، واستنباط النظريات، ووضع القواعد التي يقوّم على أساسها الفكر. وهذه - في ذاتها - أدوات نافعة، بل هي ضرورية للحياة الفكرية السليمة، ولا يستطيع الفكر أن يرتقي إلى آفاقه العليا بغير الإلمام بتلك الأدوات واستخدامها في مجالها الصحيح.

ولكن المأخوذ على تلك الجاهلية ليس هو " إعمال العقل " إنما هو ما يمكن أن نسميه " عبادة العقل "، أي جعله هو المحكم في الأمور كلّها، وهو المرجع الذي تنتهي إليه " المعرفة " من كلّ جوانبها - وهو ما يبدو واضحاً في الجاهلية المعاصرة بشكل بارز.

فلقد جعلت الجاهلية الإغريقية الأمر كلّه موكولاً للعقل وحده .. فألّهته!

وصار العقل - عندها - هو المرجع الذي ترجع إليه في قضية الألوهية، وقضية الخلق، وقضية ما يكون بعد الموت، وقضية التشريع، وقضية المنهج الذي يحكم الحياة. في حين حولت الميدان الرئيسي للعقل - وهو النظر في الكون المادي والتعرف على خواصه، ومحاولة تسخير طاقاته - إلى نظريات ذهنية مجردة، لا تجّرب لمعرفة مدى صدقها وانطباقها على الواقع، إنما تُمرر على " العقل "، فإن رآها صحيحة فهي في حكمه صحيحة، بصرف النظر عن واقعها الحقيقي، وإن رآها - لأي سبب من الأسباب - غير صحيحة فهي في حكمه غير صحيحة، بصرف النظر عن واقعها الحقيقي!

file:///C:/DOCUME%7E1/sps/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif وحين حكّمت الجاهلية المعاصرة عقلها في قضية الألوهية، أدت بها عقلانيتها التجريبية إلى نفي وجود الله! لمجرد أن الله سبحانه وتعالى " لا تدركه الأبصار "، ولا يمكن إدراك وجوده بتجربة علمية معملية، على طريقة الكون الماديّ.

ب / الجذر الروماني

ورثت أوروبا من الجاهلية الرومانية عبادة الجسد في صورة شهوات حسيّة، وتزيين الحياة الدنيا لزيادة الاستمتاع الحسيّ بها إلى أقصى الغاية، ومن ثم الاهتمام البالغ بالعمارة المادية للأرض.

((وورثت منهما معاً نزعة الاستعمار، واستعباد الآخرين من أجل شهوة السيطرة من ناحية، ومن أجل زيادة الرفاهية الحسية من ناحية أخرى)).

file:///C:/DOCUME%7E1/sps/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif2/ الدين الكنسي المحرف:

file:///C:/DOCUME%7E1/sps/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif ففي الفترة التي سيطرت فيها جاهلية الدين الكنسي المحرف ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4))، كانت الجذور الإغريقية الرومانية قد جفّت وكادت تموت، وساد أوربا الظلام الذي أحدثته جهالة الكنيسة وطغيانها، وتحريفها للدين المنزل، وتحويله من دين توحيد إلى دين تثليث وشرك.

(أ) تحريف الأناجيل:

لنعد إلى القرن الأول الميلادي حيث احتمال وجود الإنجيل أقوى وأرجح، فماذا نجد؟ يقول آدم كلارك أحد شارحي الأناجيل:

" محقق أن الأناجيل الكثيرة الكاذبة رائجة في أول القرون المسيحية وكثرة هذه الأحوال الغير صحيحة (كذا) هيجت لوقا على تحرير الإنجيل، ويوجد ذكر أكثر من سبعين من هذه الأناجيل الكاذبة والأجزاء الكثيرة من هذه الأناجيل باقية، وكان " فابرى سيوس " جمع الأناجيل وطبعها في ثلاث مجلدات" (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)5)

هكذا قفز العدد من واحد إلى سبعين، و المسيحية لا تزال في مهدها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير