ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:22 ص]ـ
* فَائِدَةٌ 80: النِّيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ:
الْأُولَى: مَرْتَبةٌ يُراد بها تَمْيِيزُ العملِ، أهُو عبَادةٌ أم عَادةٌ؟ وأيُّ العبَاداتِ هو إذَا كانَتِ الصُّورةُ منْهُنَّ واحِدةً؟
الثَّانِيَةُ: مَرْتَبةٌ يَتَمَيَّزُ بها الْمَقْصُودُ بالعَملِ، أهُو اللهُ أم غَيْرُه؟ ويدخُلُ تحتَها: الإخْلَاصُ والشِّرْكُ.
الثَّالِثَةُ: مَرتبَةٌ يَتَميَّز بها الْمَقْصُودُ مِن العمَلِ، أهو ثوَابُ الدُّنيَا أم ثوَابُ الآخرَةِ؟ أم ثوَابُ الدُّنيَا والآخرَةِ؟
* إذا عُلِم هذَا، فإنَّ العمَلَ لأجْلِ إرادَةِ الدُّنيَا إنَّما يتعَلَّقُ بالْمَرتبَة الثَّالثةِ، وهي نِيةٌ يتَميَّز بها الْمَقصُودُ مِن العمَلِ، أي: الثَّواب الْمُرتَّب عليهِ.
وهذا ينْقَسِمُ إلى قِسْمَيْنِ ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1411658#_ftn1)):
1 - أنْ يكُونَ عَمَلُ العَبْدِ كلُّه لأجْلِ إرادَةِ الدُّنيَا؛ وهذا شِرْكٌ أكبَرُ، وهذا العَملُ علَى هذا الوصْفِ لَا يَصْدُر مِن مؤمنٍ.
2 - العمَلُ لوَجْهِ الله ولأجْلِ الدُّنيَا، وله (عنْدَ ابْنِ سَعْدِيٍّ) صُورتَانِ:
1 – أنْ يتَسَاوَى القَصْدُ أو يتَقاربَا، وهذا يُنْقِص كَمالَ التَّوحيدِ.
2 – أن يَعمَلَ لله وحدَه، ويأخُذَ على عمَلِه جُعْلًا أي: عَطِيةً، فهذَا لا يَضُرُّ أخْذُه في إيمَانِ العَبْدِ وتوحِيدِه.
وفي جَعْلِ هذه الصُّورةِ من جُملةِ إرادَةِ العَبْدِ بعمَلهِ الدُّنيَا: نَظرٌ؛ لأنَّ مَقْصُودَ أهْلِ العِلْمِ مِن إرادَةِ العَبْدِ بعمَلِهِ الدُّنْيَا: انجِذَابُ الرُّوح إليهَا وتَعَلُّقُه بها، وهذا غيرُ موْجُودٍ في هذه الصُّورةِ].
* فَائِدَةٌ 81: ذكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ في تعْلِيقاتِه على كِتَابِ التَّوْحِيدِ أنَّ العملَ لإرادَةِ الدُّنيا ينقَسِمُ إلى قِسْمينِ اثنَيْنِ:
1 – أنْ يُريدَ العَبدُ ذلكَ بجمِيع عمَلهِ، فهذا شِركٌ أكبرُ، ولا يكونُ إلَّا مِن الْمُنافقِين.
2 – أن يُريدَ الدُّنيَا ببَعْضِ عمَلِه، كالصَّدقةِ أو الجهَادِ أو غيرِها، فهذَا يكونُ شِركًا أصغَرَ، ولا يكونُ مُحبِطًا لجمِيع عمَلِ صاحِبِه ولا مُخرِجًا له مِن الْمِلَّة.
([1]) حَصَلَ هُنَا انْقِطَاعٌ فِي الصَّوْتِ؛ فلْيُتأمَّل علَى أيِّ شَيءٍ ترجِعُ هذه القِسْمَةُ.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:23 ص]ـ
* فَائِدَةٌ 82: ذَكَرَ شُرَّاحُ كِتَابِ التَّوْحِيدِ عند بابِ: (بَابُ مَنْ أَطَاعَ الْعُلَمَاءَ وَالْأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهُ أَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ؛ فَقَدِ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ)، ذكَرُوا كلامَ أَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ في جعْلِ هذه الطَّاعةِ على هذِه الصُّورةِ مُنْقسِمةً إلى قِسْمينِ:
1 – أنْ يُطيعَهُم في تحليلِ ما حرَّم اللهُ أو تحريمِ ما أحلَّ اللهُ، مع اعتِقَاد ذلكَ، فيَعتَقِدُ صِحَّةَ تحلِيلِ ما حرَّمُوه، وتحليلِ ما حلَّلُوه، وهذا شِرْكٌ أكبَرُ مُخْرِجٌ عن الْمِلَّةِ.
2 – أن يُوافِقَهُم في تحلِيلِ الحرَامِ وتحْرِيمِ الحلَالِ مِن غيرِ اعتِقادِ كَونِه كذلكَ، بل قَلْبُه مُنْضَمٌّ على اعتِقَادِ تحريمِ الحرَامِ وتحلِيلِ الحلالِ، ولكنَّه وافَقَهُم لهَوًى أو شَهْوةٍ أو شُبْهةٍ، وحِيَنئذٍ لا يكُون فِعْلُه شِرْكًا أكبرَ.
قال أَبُو الْعَبَّاسِ: (بَلْ فِعْلُهُ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ).
وفيهِ إشكَالٌ: إذْ كيفَ يكُون العبدُ مأمُورًا في توحيدِه بأن يُطِيع اللهَ، ومُعْلنًا بأنَّ طاعةَ غيرِه شِركٌ به، ثُمَّ يكُون مُوافَقتُه لهؤلاءِ في الظَّاهرِ -معَ اعتِقَادهِ تحريمَ الحرامِ وتحليلَ الحلالِ- يكونُ كسائرِ الذُّنوبِ التي يَغْفِرُهَا اللهُ تعالَى.
ولَمْ أرَ -الشَّيْخُ صَالِحٌ الْعَصيمِيُّ- أحدًا مِن شُرَّاحِ كتاب التوحيد خرَجَ عنْ قَوْلةِ أَبِي الْعَبَّاسِ، ولَا نظَر فيهَا مع قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)، إلَّا الْعَلَامَةَ صَالِحًا الْفَوْزَان فِي إِعَانَةِ الْمُسْتَفِيدِ، فجزَمَ بأنَّ هذه الصُّورةَ شِرْكٌ أصغَرُ، وهو الصَّحيحُ.
* فَائِدَةٌ 83: التَّحاكُمُ إلَى الطَّاغُوتِ لا يكُون كُفْرًا مُخرجًا عن الْملَّةِ إلَّا إذا وُجِد فيه معْنَى الإرَادةِ، وهو: الرِّضَا والقَبُول والحُبِّ.
1 - فمَن تحَاكمَ إلَى غَيْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ مُريدًا لهذا الحُكْمِ، راضِيًا بهِ، مُقَدِّمًا له على غَيْرِه؛ كانَ ذلكَ كُفْرًا أكبَر مُخرِجًا عنِ المِلَّة؛ لأنَّه لم يَكْفُر بالطَّاغُوتِ.
2 - وأمَّا إذا تحَاكَم إليهِ لَا علَى هذهِ الإرَادةِ، وإنَّما لأجْلِ الدُّنيَا -معَ عِلْمِه بأنَّ هذا الأمْرَ مُحَرَّمٌ غيرُ مأذُونٍ فيهِ، أو تحَاكَمَ إلى الطَّاغُوت مُكْرهًا مُلزَمًا به في الخاصِّ والعامِّ- فإنَّه لا يكُون بذلكَ كافرًا.
* فَائِدَةٌ 84: الْمَسَائلُ التِي تَتَّصِلُ بالحُكْمِ بغيرِ ما أنزَلَ اللهث مِن المسَائلِ العَظِيمةِ التِي عَظُم الْمُصَابُ بها بينَ الْمُسْلِمينَ؛ لكَثرَةِ كلامِ الجُهَّال فيهَا، والعِلْمُ نُقطَةٌ كَثَّرها الجَاهلُون، ولو سَكتَ الجاهِلُ لَقلَّ الخلافُ.
فنَبتَتْ نَوَابِتُ لا عِلْمَ لهم بالشَّريعَةِ، يتكَلَّمُون في هذه الْمَسَائلِ، لا يُحْسِنُ أحَدُهم إلَّا إيَّاهَا -وإحسَانُه لها مقْدُوحٌ فيه- إذْ كيْفَ يُحسِنُها مَن لا يُحسِنُ أصُولَ الدِّينِ؟!
¥