تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:24 ص]ـ

* فَائِدَةٌ 85: قولُ الْإِمَامِ الْمُجدِّدِ: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) أيْ: فَقَدْ كَفَرَ؛ هكذَا ذكره الْعلَّامَةُ سُلَيْمَانُ الْحَمْدَان فِي الدُّرِّ النَّضيدِ.

إلَّا أنَّ صِحَّةَ هذا التَّقْديرِ تَرجِعُ إلى الْمُرادِ بِـ: الْجَحْدِ، فإنَّ جَحْدَ الأسماءِ والصِّفاتِ له معنَيانِ:

1 – جَحْدُ إنْكَارٍ، بأن يَنْفِيَ ما أثبَتهُ اللهُ أو أثْبَتَهُ رسُولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لهُ؛ فيكُونُ كَافرًا كُفْرًا أكبرَ خارِجًا مِن المِلَّةِ.

2 – جَحْدُ تأوِيلٍ، بأنْ يكُونَ الحاملُ عليهِ التَّأوِيلَ لا الإنكَارَ، وصاحبُ هذه الحالِ يتَنوَّع حكْمُه باعتبَار قُوَّةِ المُسوِّغ للتأوِيلِ:

1 – فإذَا كان التَّأويلُ سائِغًا، لم يكُن جَحْدُه على هذه الصُّورةِ مُخْرجًا له عنِ الإسْلَامِ.

2 – وإذَا كان تأوِيلُه لا مُسوِّغَ له، فإنَّه تَكْذِيبٌ في الحقِيقةِ.

ويُبَيِّنُ هذَا: مَن يزعُم أنَّ اليدَ للهِ تعالى هي القُوَّةُ؛ فإنَّ مِثْلَ هذَا لا يَكْفُرُ كُفرًا أكبرَ مُخْرِجًا من الْمِلَّةِ، لوجُود المُسوِّغ مِن العربيَّةِ للحَمْلِ على الْمَعْنَى -وإن كَانَ مردُودًا-، لَا إنِ ادَّعى أنَّ اليدَ للهِ تعَالى في قولِه: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) هُما السَّماواتُ والأرضُ، أو الشَّمسُ والقمَرُ؛ لِعدَمِ وجُود الْمُسوِّغ الْمُعتَدِّ به في هذا القوْلِ، فيكُونُ على هذه الصُّورةِ مُلحَقًا بجَحْدِ الإنكَارِ، إذْ حَقيقَتُه تَكْذِيبُ الله تعالى في قولِه، فإنَّ العربَ لا تَعرِفُ اليدَ بهذا الْمَعْنَى.

* فَائِدَةٌ 86: النَّاسُ فِي مُقَابِلِ نِعْمَةِ اللهِ يَنْقَسِمُونَ إِلَى قِسْمَيْنِ:

1 – أَهْلُ الْإِنْكَارِ، الذينَ يُنكِرُون نِعمةَ اللهِ تعالى، ويُعلِنُون ذلكَ بألسَنتِهِم، وهؤلاء كُفَّارٌ خارجُون عن الْمِلَّة.

2 – أَهْلُ الْإِقْرَارِ، وهذا القسْمُ نوعَانِ:

1 – مَنْ أَقَرَّ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، وهذه حالُ كُمَّل الْمُوحِّدينَ.

2 – مَنْ أَقَرَّ بِقَلْبِهِ، وَأَضَافَهُ بِلِسَانِهِ إِلَى غَيْرِ اللهِ، كأنْ يُضيفَها إلى نَفْسِه أو سَعْيِه أو نَسَبِه أو حسَبِه، كما هو جَارٍ على ألْسِنةِ كَثيرٍ؛ وهذَا مِن جِنْسِ الشِّركِ الأصغَر في الألفاظِ.

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:25 ص]ـ

* فَائِدَةٌ 87: قسَّمَ ابْنُ سَعْدِيٍّ تَعَيُّنَ القنَاعةِ بالحَلِف باللهِ عزَّ وجلَّ إلى قِسْمينِ:

1 – أنْ تكُونَ تلكَ اليَمِينُ صادِرةً مِن معرُوفٍ بالصِّدقِ والعدَالةِ، فحِينئذٍ يَتعيَّن الرِّضَا.

2 – أن تكُونَ صادرةً مِمَّنْ عُرِف عنه الفجورُ والكذِبُ، وحِينَئذٍ لا تلْزَمُ القنَاعةُ بيَمينِه، ولا يكُون ذلك مخالِفًا لِما يجِبُ على العَبْدِ مِن تعظيمِ اللهِ سبحَانه وتعالَى.

هذا قولُ جُمْهُورِ أهْلِ العِلْمِ، ومِن أهلِ العِلْمِ مَن دَفعَ هذه القِسْمةَ، ورأى أنَّ مُقتضَى تعْظِيمِ اللهِ عزَّ وجلَّ الرِّضَا بحَلِفِ مَن حلَفَ به سَواءٌ كان معرُوفًا بالصِّدقِ أو ضدِّه؛ لأنَّ مرَدَّ التَّعظيمِ إلى كوْنِ اليمينِ باللهِ تعالَى، غير أنَّ هذا القَوْلَ ظَاهرُ الضَّعفِ؛ لأنَّ الصَّحابةَ رضوانُ الله عليهم أَبَوْا أن تحْلِفَ لهم يَهودُ خمْسِين يمِينًا في قصَّة مُحَيِّصَةَ وحُوَيِّصَةَ رضي اللهُ عنهُما لَمَّا قتَلَتْهُ يهودُ، فأبَى الصَّحابةُ رضوَانُ الله عليهم أيمَانَ خمْسِين مِنَ اليهُود ولم يُعنِّف عليهم رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وكانُوا هم أحقَّ بتعظِيم اللهِ عزَّ وجلَّ، فعُلِم أنَّ القِسْمةَ التي ذكرَها ابْنُ سَعْدِيٍّ هي القِسمَةُ التي تُرشِد إليها الأدِلَّةُ.

* فَائِدَةٌ 88: الدَّهْرُ لا يَسْتقِلُّ بالأفعَالِ، وإنَّما هو ظرْفٌ لها؛ وإذا جرَى مِن العَبْدِ سَبٌّ للدَّهْرِ، كان ذلك منافيًا للتَّوحيدِ.

1 - وقد يكُونُ شرْكًا أكبرَ إذا اعتقَدَ أن الدَّهر مُسبِّب بنفسِهِ.

2 – وقد يَكُون شِرْكًا أصغَرَ إذ اعتقَدَ أنَّ الدَّهْرَ سبَبٌ، وأن التدبيرَ كلَّه لله تعالى.

* فَائِدَةٌ 89: سبُّ الدَّهرِ: هو شتْمُهُ؛ أمَّا الخبَر عن تصَاريفِه فليْسَ مِن جُملةِ سَبِّه؛ فوَصْفُ اليومِ بالسُّوءِ: لا شيءَ فيهِ؛ كما قالَ تعالى: (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)؛ فهذا خبرٌ عمَّا اكْتَنفَ ذلك اليومَ مِن التَّقديرِ.

* فَائِدَةٌ 90: الْهَزلُ: هو الْمَزْحُ بخِفَّةٍ، والهزَلُ والِاسْتِهْزَاءُ الْمُكَفِّرُ ينقَسِم إلى قسمَيْنِ:

1 – الِاسْتِهْزَاءُ المُكَفِّرُ حقيقةً، وهو الِاسْتِهْزَاءُ بالله وآياتِه ورسُولِه؛ لأنَّه نُصَّ على هؤلاء الثلاثةِ في قولِ الله عزَّ وجل: (قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).

2 – الِاسْتِهْزَاءُ الْمُكفِّرُ حكمًا، وهو ما رجَع إلى المنصُوصِ عليه، كمَن يستَهْزئُ بشيءٍ مِن دينِ الله تعالَى؛ فإنَّه راجعٌ إلى الِاسْتِهْزَاءِ باللهِ وآياتهِ ورسُوله، فيكونُ له الحكمُ نَفسُه.

* وما خرجَ عن هذينِ النَّوعينِ:

قد يكُونُ فسْقًا لا يكْفُرُ بهِ العبدُ؛ كمنِ استهَزئ بصُورةِ أحدٍ مِن النَّاس الْمُتعلِّقةِ بالشَّريعة كاللِّحيةِ، فإنَّه يَسْتهزئُ بها على إرادَةِ تعلُّقها بذلك الشَّخصِ، لا مِن جهةِ كونِها مأمُورًا بها، فلا يكفُرُ؛ لأنه لم يسْتَهزِئ بها لأجْل كونِها دِينًا، وإنما لأجْلِ أنَّها لحيَةُ فلانٍ، وهذا فسْقٌ لِما فيه من السُّخريةِ بالمؤمِنينَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير