وقال أيضاً في تفسيره (25/ 254): ((واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة ...... )) فذكر ثلاثة ثم قال ((رابعها قول من قال:أن نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا فقال تعالى في إبطال قوله ((ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له)) فلا فائدة لعبادتكم غير الله فإن الله لا يأذن في الشفاعة لمن يعبد غيره فبطلبكم الشفاعة تفوتون على أنفسكم الشفاعة))
فتأمل:أن من طلب الشفاعة فوت على نفسه الشفاعة التي تكون يوم القيامة لأنها لا تنال إلا بالتوحيد.
وقال الفخر الرازي في تفسيره (26/ 283) عند قوله تعالى:
" الله يتوفى الأنفس … " الزمر: " ويحتمل ان يكون المراد بهذا: ان الدليل يدل على ان الواجب على العاقل ان يعبد إلها موصوفا بهذه القدرة وبهذه الحكمة، ولا يعبد الاوثان التي هي جمادات لا شعور لها ولا ادراك.
واعلم ان الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا فقالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لا عتقاد انها آلهة تضر وتنفع، وانما نعبدها لأجل انها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله مقربين، فنحن نعبدها لأجل ان يصير اولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله.
فأجاب الله تعالى بأن قال: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون)
وتقرير الجواب ان هؤلاء إما ان يطمعوا بتلك الشفاعة من هذه الاصنام، أو من اولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الاصنام تماثيل لها. (والاول) باطل؛ لان هذه الجمادات وهي الاصنام لا تملك شيئا ولا تعقل شيئا فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها. (والثاني) باطل؛ لان في يوم القيامة لا يملك احد شيئا، ولا يقدر احد على الشفاعة الا بإذن الله، فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة، فكان الانشغال بعبادته اولى من الانشغال بعبادة غيره، وهذا هو المراد من قوله تعالى (قل لله الشفاعة جميعا) " انتهى
قال الرازي في (17/ 86) في تفسير قوله تعالى (قل من يرزقكم من السماء والارض ... ) يونس
" وهذا يدل على ان المخاطبين بهذا الكلام كانوا يعرفون الله ويقرون به، وهم الذين قالوا في عبادتهم للأصنام انها تقربهم الى الله زلفى، وانهم شفعاؤنا عند الله
وكانوا يعلمون ان هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر فعند ذلك قال الرسول عليه السلام (فقل افلا تتقون) يعني: افلا تتقون ان تجعلوا هذه الاوثان شركاء لله في المعبودية، مع اعترافكم بأن كل الخيرات في الدنيا والآخرة انما تحصل من رحمة الله واحسانه، واعترافكم بأن هذه الأوثان لا تنفع ولا تضر ألبتة " انتهى
وقال الرازي في (26/ 277) في تفسير قوله تعالى (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل …) الزمر
" وهذا مثل ضرب في غاية الحسن في تقبيح الشرك وتحسين التوحيد.
فإن قيل: هذا المثال لا ينطبق على عبادة الأصنام لأنها جمادات، فليس بينها منازعة ولا مشاكسة.
قلنا: ان عبدة الأصنام مختلفون. منهم من يقول هذه الأصنام تماثيل الكواكب السبعة …. ومنهم من يقول:
هذه الأصنام تماثيل الأشخاص من العلماء والزهاد الذين مضوا، فهم يعبدون هذه التماثيل لتصير أولئك الأشخاص من العلماء والزهاد شفعاء لهم عند الله،
والقائلون بهذ ا القول تزعم كل طائفة منهم ان المحق هو ذلك الرجل الذي هو على دينه وان من سواه مبطل، وعلى هذا التقدير ايضا ينطبق المثال. ".
وقال الشهرستاني ت:548 في " الملل والنحل " ص 653
" وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق ونوع من الإعادة، وانكروا الرسل وعبدوا الأصنام، وزعموا انهم شفعاؤهم عند الله في الآخرة، وحجوا اليها ونحروا لها الهدايا وقربوا القرابين، وتقربوا اليها بالمناسك والمشاعر وحللوا وحرموا، وهم الدهماء من العرب الا شرذمة منهم نذكرهم."
وقال ص 655
" ومن كان لا يعترف بهم - الملائكة- كان يقول: الشفيع والوسيلة منا إلى الله تعالى هم الأصنام المنصوبة، أما الأمر والشريعة من الله الينا فهو المنكر، فيعبدون الأصنام التي هي الوسائل: ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا ... "
وقال ص 696 - 702
" قال: ويطوفون بالبيت أسبوعا ويمسحون الحجر ويسعون بين الصفا والمروة ... وكانوا يلبون الا ان بعضهم كان يشرك في تلبيته في قوله: الا شريك هو لك تملكه وما ملك، ويقفون المواقف كلها ....
¥