تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أهل السنة في قوله: (الرحمن على العرش استوى): إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز؛ فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية: لا يجوز أن يسمى الله عزوجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق؛ فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه وأثبتوها لخلقه ..

وقال الامام السجزي (444) في رسالته لأهل زبيد في الحرف والصوت (ص152):

الواجب أن يعلم أن الله تعالى إذا وصف نفسه بصفة هي معقولة عند العرب، والخطاب ورد بها عليهم بما يتعارفون بينهم ولم يبين سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لما أداها بتفسير يخالف الظاهر؛ فهي على يعقلونه ويتعارفونه.

وقال الامام أبوعثمان الصابوني (449) في عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص23):

وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر.

وقَالَ الامام أَبُو عُمَرَ ابن عبدالبر (463) في التمهيد (7/ 129 - 131):

قَالَتِ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوهُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ) وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) وَقَوْلُهُ: (إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) وَقَالَ: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وَهَذَا مِنَ الْعُلُوِّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) وَ (الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) وَ (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ) وَ (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)، وَالْجَهْمِيُّ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَسْفَلَ، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) وَقَوْلُهُ: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) وَقَالَ لِعِيسَى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) وَقَالَ: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) وَقَالَ: (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وَقَالَ: (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ) وَقَالَ: (لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ)، وَالْعُرُوجُ: هُوَ الصُّعُودُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ) فَمَعْنَاهُ: مَنْ عَلَى السَّمَاءِ، يَعْنِي: عَلَى الْعَرْشِ، وَقَدْ يَكُونُ " فِي " بِمَعْنَى " عَلَى "، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ عَلَى الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)، وَهَذَا كُلُّهُ يُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِمَّا تَلَوْنَا مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا وَاضِحَاتٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَأَمَّا ادِّعَاؤُهُمُ الْمَجَازَ فِي الِاسْتِوَاءِ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَأْوِيلِ اسْتَوَى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير