تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اسْتَوْلَى فَلَا مَعْنَى لَهُ ظَاهِرٌ فِي اللُّغَةِ، وَمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ فِي اللُّغَةِ الْمُغَالَبَةُ، وَاللَّهُ لَا يُغَالِبُهُ وَلَا يَعْلُوهُ أَحَدٌ، وَهُوَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، وَمِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى تَتَّفِقَ الْأُمَّةُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْمَجَازُ؛ إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى اتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُوَجَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَشْهَرِ وَالْأَظْهَرِ مِنْ وُجُوهِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ، وَلَوْ سَاغَ ادِّعَاءُ الْمَجَازِ لِكُلِّ مُدَّعٍ؛ مَا ثَبَتَ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَارَاتِ، وَجَلَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْ أَنْ يُخَاطِبَ إِلَّا بِمَا تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ فِي مَعْهُودٍ مُخَاطَبَاتِهَا مِمَّا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ، وَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ وَمَفْهُومٌ، وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ عَلَى الشَّيْءِ، وَالِاسْتِقْرَارُ وَالتَّمَكُّنُ فِيهِ، قَال َأَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (اسْتَوَى) قَالَ: عَلَا قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ: اسْتَوَيْتُ فَوْقَ الدَّابَّةِ، وَاسْتَوَيْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتَوَى أَيِ انْتَهَى شَبَابُهُ وَاسْتَقَرَّ فَلَمْ يَكُنْ فِي شَبَابِهِ مَزِيدٌ.

إلى أن قال (7/ 145):

أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَالْإِيمَانِ بِهَا، وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ كُلُّهَا وَالْخَوَارِجُ فَكُلُّهُمْ يُنْكِرُهَا، وَلَا يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ، وَهُمْ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا نَافُونَ لِلْمَعْبُودِ، وَالْحَقُّ فِيمَا قَالَهُ الْقَائِلُونَ بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ، وَهُمْ أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وقال الامام قوام السنة الأصبهاني (535) في الحجة في بيان المحجة (2/ 186):

قال أهل السنة: نصف الله بما وصف به نفسه، ونؤمن بذلك إذ كان طريق الشرع الاتباع لا الابتداع، مع تحقيقنا أن صفاته لا يشبهها صفات، وذاته لا يشبهها ذات، وقد نفى الله تعالى عن نفسه التشبيه بقوله: (ليس كمثله شيء)؛ فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، وأثبت لنفسه صفات فقال: (وهو السميع البصير)، وليس في إثبات الصفات ما يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: (ليس كمثله شيْءٌ) دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.

الأصل الرابع: الإضافة تمنع تماثل المسميين ولو اتفق الإسمان، وتمنع تماثل الموصوفين في صفةٍ ما ولو اتفقت الصفتان.

قال الامام البخاري (256) في خلق أفعال العباد (ص 182):

وإن الله عز و جل ينادي بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب؛ فليس هذا لغير الله جل ذكره، قال أبو عبد الله: وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق؛ لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قُرب وأن الملائكة يصعقون من صوته فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا وقال عز و جل: (فلا تجعلوا لله أندادا)؛ فليس لصفة الله ند ولا مثل ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين.

و قال الامام عثمان بن سعيد الدارمي (280) في النقض على بشر المريسي (1/ 303):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير