وعليه يجب أن يلاحظ في عملية التورق أنه لا يجوز أن يبيع العميل البضاعة على البنك، بل ينبغي أن يبيعها على طرف ثالث، لأنه لو باعها على البنك صار من بيع الرنة، وبيوع الرنة هي حيلة من الحيل الموصلة إلى الربا، وفي نفس الأمر ينبغي أن تكون السلعة التي يشتريها العميل معلومة إما بالصفة أو بالرؤية.
* وكيف ترى تطبيقات التورق في البنوك حاليا؟
لو نظرنا الآن إلى شراء السلع من خارج السعودية كالمعادن الموجودة الآن في مخازن هولندا أو انجلترا أو نيويورك، لوجدنا أن هذه السلع هي في الواقع مجهولة فالمشتري لا يعرف أي نوع من المعادن هي؟ ولا كميتها؟ وإنما يقوم العميل بتوكيل البنك الذي باع له البضاعة، والعميل لا يعلم ماذا اشترى؟ وعليه فعلى المشتري ان يكون عارفا ما اشتراه، ولهذا أوجبنا كهيئات شرعية تشرف على البنوك، التي تقدم التورق أن تكون السلع التي يبيعونها لعملائهم معلومة، وأن تكون موجودة في المملكة وحاضرة فعليا.
كما أن العميل يجب عليه إذا اشترى السلعة أن يعرفها، وأن يطلب من البنك التفويض لتسلم سلعته من التاجر، ومن ثم له الحق في بيعها. وبهذه الطريقة نضمن المعاملة خلوها من الخلل، الذي كان يصاحب البيع في الأسواق العالمية والذي سبب انتقادا للتورق. وقد استجابت بعض البنوك مثل البنك الأهلي فعنده تعاقد مع إحدى الشركات التي تبيع منتجات غذائية وإلكترونية.
* إذا في التورق لا يجوز توكيل البنك في البيع؟
ـ نعم لا يصلح أن يوكل البائع البنك، وما أن يأتي العميل للبنك لطلب التورق، فإنه يشتري منه السلعة، ويطلب تحرير عقد وأخذ سند بالمبلغ، ثم يذهب البائع إلى التاجر ويتسلمها أو يبيعها عليه. وهذه العملية حتى لو كانت طويلة في إجراءاتها فإنها محققة لمقتضى شرعي يبتعد به المسلم عن الربا وعن المعاملات الصورية.
* كيف ترون أداء الأجهزة الرقابية التابعة للهيئات الشرعية في البنوك؟
ـ الهيئات تطالب الجهة الرقابية التابعة لها بتقديم قرارات عن المتابعة، وعن المراقبة وعن التوجيه الذي يوجهون به الموظفين القائمين بتنفيذ هذه المعاملات، وإذا وجد عندهم بعض الإشكالات، فإنهم يرجعون للهيئة، وفي نفس الأمر يقدمون قرارات قائمة وقرارات متابعة للهيئة، ولا بد أن يكون العاملين في الجهاز الرقابي على مستوى يسمح أن يعطي النتيجة المطلوبة منه.
* البعض يرى أن العقود المستخدمة بين البنوك والعملاء تفتقد مبدأ العدالة. ما رأيكم بذلك؟
ـ معروف أن هذه العقود هي عقود معاوضة بين طرفين، كما هو بين البائع والمشتري، لذلك لا يمكن أن تصور أن المسألة مبنية على العدل، وإنما هي مبنية على تحقيق المصالح، فالبنك يسعى لتحقيق مصلحته والعميل كذلك يسعى لتحقيق مصلحته، والمسألة مبينة على معاوضة أي مساومة في تقدير هذه المعاوضة، وبناء على هذا، فلا ينبغي أن نقول إن البنك عادل أو غير عادل، لأنه لا بد من النظر في تحقق المصالح لكلا الطرفين.
والأهم في العقود الموجودة، أن تكون خالية من العيوب والخلل، فلا بد أن تكون خالية من القمار أو الضرر أو الغبن أو الجهالة أو أي شيء من الأمور المخلة كالغش أو التدليس ونحو ذلك.
* كثير من البنوك العاملة في المصرفية الإسلامية، تحصل مبالغ كبيرة من غرامات التأخير وغيرها، وتستخدمها البعض منها في المجال التسويقي والإعلاني ورعاية المؤتمرات، وغيرها من الأنشطة الدعائية. هل تعتقدون أن هذا صحيح؟ ـ لا يجوز لمن كان مدينا وقادرا على الوفاء أن يتخلف عن السداد، والواجب، ثم في نفس الأمر كذلك فان الهيئات الرقابية تقول إن ما يؤخذ من عقوبات ينبغي أن يجعل تحت بند يصرف للجهات الخيرية. أما مسألة استخدام هذه المبالغ المحصلة للنشاط الدعائي للبنك، فالهيئات الشرعية تشدد على توجيه هذه المبالغ، للأنشطة الخيرية كالجمعيات الخيرية والفقراء، والهيئة الشرعية تمنع البنك من صرف هذه المبالغ في غير هذه الأنشطة.
*وكيف ترون مساهمة البنوك الإسلامية في تنمية المجتمعات الإسلامية؟
ـ حينما نعود إلى واقع البنوك حاليا نجد أنه هناك تسابق فيما بينها نحو أسلمة كافة أنشطتها، فمثلا البنك الأهلي كان قبل 15 سنة لا يمتلك أي فرع إسلامي، والآن هو على طريق التدرج والحرص والصدق في التحول، وأصبح لديه 264 فرعا كلها تحولت إلى مصرفية إسلامية، وكذلك بنك الجزيرة الذي شارف على التحول بالكامل إلى بنك إسلامي، وغيرها من البنوك التي ماضية في تدرجها نحو أسلمة أنشطتها. ووجدنا تجاوبا من المسؤولين في المصرفية الإسلامية، حيث كنا نظن أننا لن نحصل ولا على 20 في المائة من بدايات مطالبتنا بالتحول للعمل المصرفي الإسلامي.
* كيف تنظر لواقع التأمين التعاوني أو التكافل والتأمين التجاري؟
ـ القائلون بتقسيم التأمين إلى تعاوني وتجاري، وأن التعاوني مباح والتجاري غير مباح، ويسعون لايجاد فوارق بينهما، نوضح بأن التأمين التعاوني مبني على قصد التعاون، وأن المبالغ التي يقدمها لجهة التأمين هي على سبيل التبرع، والفائض يرجع إلى المشتركين أنفسهم، وكلها في رأيي ليست فروقا صحيحة، والحديث عن هذا الموضوع طويل ولي بحث مطول في التأمين والفروق فيه.
وبرأيي لا يوجد فارق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري، والذي يقول بمنع التجاري والعكس، وليس بينهما فروق ذات أثر لإيجاد تقسيم بينهما، إنما هي في الواقع فروق وهمية لا أعتبرها ذات تأثير يبرر تقسيم التأمين إلى قسمين.
ما قصة خلافك مع دار المال؟
ـ ليس هناك خلاف، إنما هو اختلاف في وجهات نظر، وقد طلبنا من المسؤولين هناك تصحيح بعض الأشياء، لكنهم لم يتجاوبوا معنا، فقدمت استقالتي مع أحد الزملاء قبل نحو عام.
منقول