[الدراسات الفقهية المذهبية في موريتانيا .. ولد أعبيدي]
ـ[أبوصالح]ــــــــ[30 - 01 - 07, 04:04 م]ـ
الحمدلله وحده ..
هذه مقالة قرأتها في موقع (جدل) وهي عن الدراسات الفقهية المذهبية في موريتانيا، فلعلّ في نقلها فائدة.
دراسات: المذهبية الفقهية في موريتانيا ” أصولها ومدارسها”
الدكتور محمد الحسن ولد أعبيدي *
قام الفقه الموريتاني منذ التأسيس علي مذهبية مالكية تتسم بنصانية المناهج وصرامة الأحكام ورثوا بعضها من الحكم المرابطي الذي قامت سياسته علي تنمية العقلية الفروعية النقلية التي يقتصر دور الفكر الإنساني علي النقل الأمين لما دوَن السابقون دون وعي وتفهم فقد عارض أمراء هذه الدولة في عهدهم الأول ـ لهدف أو لغير هدف ـ كل منهج من شأنه تنمية ملكة فكرية متحررة يفسر ذلك عدم رغبتهم في تدريس علم الأصول وغيره من العلوم العقلية ليلا تنتقل عن طريقها آراء ملل أخري تعارض النموذج المرابطي الصارم.
ذلك تقديم مبسط عن جذور الظاهرة المذهبية للفقه الموريتاني التي ما كانت لتتعزز لولا المجال وعوامله البيئية والجغرافية.
ففي المجال البيئي قد يبرر التمذهب لمجتمع بدوي فرض عليه محيطه نمطا من العيش بسيطا في رتابته بدائيا في وسائله لا يتطلب تحصيله أكثر من امتلاك دابة حلوب وأخري للركوب وأرضا للزراعة وتنمية نتاج تلك الدابة وفي إجالة البدوي لفكره من أجل توفير هذه الضروريات ما يجعل التفكير خارجها أمر فيه الكثير من العناء قد لا يتحمله وهو المعروف بعدم التحمل.
وقديما علل ابن خلدون عدم مشاركة المذهب المالكي في الأصول مبكرا بأن أغلب منتحليه أهل الغرب وهم بداة لم تصقل الحضارة مواهبهم العقلية
أما العامل الجغرافي فيتمثل في وجود المجال الموريتاني في حدود الجزء الجنوبي لدول غرب إفريقيا العربية وكلها مالكية تشريعا وإفتاء وممارسة.
ينضاف إلي كل هذا أن فترة تغزز المذهبية في هذه الجزء من العالم الإسلامي فترة ركود وإعراض عن الاجتهاد وتموقع في دائرة النصوص المذهبية علي مختلف أرجاء الحضارة الإسلامية بمختلف مكوناتها وأجزائها ولاشك أن الساحة الموريتانية هي جزء من كل تتأثر بالتوجهات المسيطرة في العالم الإسلامي وإن شطت بها الدار.
وقد عرفت تعدد الرؤى ابتداء من القرن 12 هـ عندما تعددت رحلات العلماء الموريتانيين لأداء مناسك الحج وللتزود بالكتب.
و كانت فترات إقامتهم في الديار المقدسة أوفي العواصم الإسلامية الأخرى مناسبة للمثاقفة والإطلاع علي آراء العلماء وتبادل وجهات النظر معهم حول قضايا مختلفة.
من هنا بدأت الساحة الفقهية تعرف أصواتا معارضة لتوجهها العام لا يستبعد أن تكون امتدادا لأصوات مشابهة ظهرت في المشرق نفس الفترة
وذلك ما تجسد في انقسامها حول المرجعية التشريعية للأحكام بين ثلاث مدارس:
مدرسة الالتزام المذهبي:
أقطاب هذه المدرسة جل الفقهاء الذين تشكلت ثقافتهم في فضاء النص المالكي من مختصراته إلي الموسوعات المؤسسة له فا نصبغ تفكيرهم بصبغة مالكية نقلية تقدس كل منقول مهما كان إن اتصل سنده ووثق رواته
وتمنع الخروج عليه والاستدلال بغيره ولو كان هذا الغير النصوص الأصلية التي منها استنبطت فروع المذهب وقواعده علي شاكلة قول الناظم:
وعالم الوقت إذا هو استدل بالذكر والحدث ضل وأضل
[الرجز]
البيت منسوب لأحد العلماء الموسوعيين في البلد ورواد تدريس العلوم العقلية المختار بن بون الذي تخصصت مدرسته القرن الثالث عشر الهجري في تدريس علم الكلام والمنطق وهما علمان يسهمان في تنمية الفكر المتحرر القادر علي النقد الممتلك لطرق الكشف ورغم ذلك فقد رضي ممثلو هذا العلم أن يظلوا متمسكين بأدلتهم المذهبية أكثر من تمسك المؤسسين لها تمشيا مع النسق الثقافي المشكل للذاكرة الجمعية التي يري بناتها أن من مصلحتها الإلتآم في عقد مذهبي موحد يصونها في فترتها تلك من الاختلاف والصراع الطائفي وبالتالي يكون الخروج علي هذا العقد تحليق خارج السرب وهو رأي أيد ته نخب أخري من جيل المختار مثل سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم صاحب أول نظم أصولي في البلد فضلا عن كونه من المنابر الإفتائية المؤثرة في القرن 13هـ يشهد لذلك مدونته التي كثرت أنظامها وشروحها وقد خرج في بعض مسائلها علي المذهب المالكي كما سنتبين عند دراستنا لنماذج منها
¥