[الإطلال على موضع تكبيرات الانتقال]
ـ[أبوعمار العدني]ــــــــ[04 - 03 - 07, 12:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الإطلال على موضع تكبيرات الانتقال]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه ... أما بعد:
فقد سئلت غير مرة عن موضع تكبيرات الانتقال، فأجيب قائلاً:
اعلم – حفظك الله – أن العلماء فهموا النصوص التي جاءت في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عند تكبيرات الانتقال، أن تكون بين الركنين، بقي منهم من زاد: أنه يمد صوته إلى أن يصل إلى الركن الثاني، ومنهم من منع. ولا أعلم أحداً من أهل العلم قال بالتكبير أولاً، ثم إذا فرغ من التكبير انتقل إلى الركن الثاني، ونحن مطالبون باقتفاء آثار السلف بالدليل والبرهان، ونقدم أفهامهم على أفهامنا؛ عملاً بقوله جل وعلا:} فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا {، وقوله:} ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً {، فهذه أقوالهم في هذه المسألة، فإليكها:
أولاً: الأدلة.
الحديث الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: (سمع الله لمن حمده) حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول – وهو قائم-: (ربنا ولك الحمد)، ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها حتى يقضيها. ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس" متفق عليه.
تنبيه: في رواية للترمذي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر وهو يهوي"، وفي سندها ابن جريج - وهو مدلس وقد عنعن - إلا أنها في الشواهد؛ لذا صححها الشيخ الألباني في صحيح الترمذي، وانظر الإرواء (2/ 37).
الأثر الأول: عن الأسود قال:"كان عمر إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، قبل أن يقيم ظهره، وإذا كبر كبر وهو منحط" رواه ابن أبي شيبة، وسنده صحيح.
الأثر الثاني: عن عمرو بن دينار عن ابن الزبير قال: "ما كان يكبر إلا وهو يهوي، وفي نهضته للقيام" رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 566)، وهو كما قال.
ثانياً: أقوال العلماء في هذه المسألة.
1 - قال الإمام البخاري في صحيحه: (باب يهوي بالتكبير حين يسجد) وقال (باب يكبر وهو ينهض من السجدتين، وكان ابن الزبير يكبر في نهضته).
2 - قال الإمام الترمذي في سننه: "وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، قالوا: يكبر الرجل وهو يهوي للركوع والسجود". اهـ كما في تحفة الأحوذي للمباركفوري (2/ 99).
3 - قال الإمام النووي:" هذا دليل على مقارنة التكبير لهذه الحركات وبسطه عليها، فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويمده حتى يصل حد الراكعين، ثم يشرع في تسبيح الركوع، ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهوي إلى السجود، ويمده حتى يضع جبهته على الأرض،ثم يشرع في تسبيح السجود،ويبدأ في قوله (سمع الله لمن حمده) حين يشرع في الرفع من الركوع،ويمده حتى ينتصب قائماً، ثم يشرع في ذكر الاعتدال، وهو (ربنا لك الحمد) إلى آخره، ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال، ويمده حتى ينتصب قائماً. هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما روي عن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه، و به قال مالك أنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائماً، ودليل الجمهور ظاهر الحديث ". اهـ شرح صحيح مسلم للنووي (4/ 99).
4 - قال الإمام ابن الملقن:" قوله (ثم يكبر حين يركع) مقتضاه مقارنة التكبير لابتداء الركوع إلى حين انتهائه إلى حده ويمده على ذلك، ويشرع في تسبيح الركوع المشروع فيه.
قوله (ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة)، مقتضاه ابتداء قولة التسميع حال ابتداء الرفع من الركوع إلى حين ينتصب قائماً ويمده عليه، ويدل على أنه ذكر هذه الحالة، ولا شك أن الفعل يطلق على ابتداء الشيء وجملته حالة مباشرة، فحمله عليها؛ لكونه مستصحباً للذكر في جميع مباشرته أولى؛ لئلا يخلو جزء من الفعل عن ذكر، ومعنى يرفع صلبه من الركعة أي حين يبتدئ الرفع.
¥