تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يناقش: بأنه ينبغي على من دخل والإمام يخطب أن يصلي ركعتين تمسكاً بالسنة الصحيحة الصريحة، التي تمسك بها أكثر أهل العلم وقالوا بها، كالشافعية والحنابلة، وأئمة الفقه والاجتهاد، كالحسن ومكحول وابن عيينة والحميدي وإسحاق وأبي ثور وداود وابن المنذر. وفعله: الحسن وابن عيينة، وكان يأمر به، كما عرفت هذا جميعه. (234)

المقصد الثاني: مناقشة استدلال القول الثاني بالقرآن.

نوقش استدلالهم بالآية: بأنه مخصوص (235) عمومها بالدليل الأول والثاني (حديثي جابر وأبي سعيد) للقول الأول من السنة الصحيحة الصريحة الخاصة بحالتنا.

المقصد الثالث: مناقشة استدلال القول الثاني بالسنة.

أ أما دليلهم الأول: حديث عبدالله بن بُسر

فنوقش: بأنه قضيةٌفي عَينٍ، (236) يحتمل: أن يكون الموضع يضيق عن الصلاة، أو يكون في آخر الخطبة، بحيث لو تشاغل بالصلاة فاتَتْه تكبيرة الإحرام. والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالجلوس؛ ليكف أذاه عن الناس؛ لتخطيه إياهم. فإن كان دخوله في آخر الخطبة بحيث إذا تشاغل بالركوع فاتَه أول الصلاة لم يُستحب له التشاغل بالركوع. (237) وهذا آذى الناس فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالجلوس؛ إذ لا مجال لأمره بالصلاة.

ب وأما دليلهم الثاني: حديث جابر بن عبدالله: " أن رجلاً .. " فيناقش بما نوقش به حديث عبدالله بن بُسر قبل قليل.

ج وأما دليلهم الثالث: حديث ابن عمر فيناقش بثلاثة أمور:

الأمر الأول: فيه ((أيوب بن نَهيك))؛ قال في مجمع الزوائد ((وفيه أيوب بن نَهيك، وهو متروك، ضعفه جماعة، وذكره ابن حِبان (238) في الثقات، وقال يخطىء)). (239)

الأمر الثاني: أجيب عنه (أي حديث ابن عمر) من وجهين:

أحدهما: أنه غريب. (240) وقال في شرح فتح القدير: ((رفعه غريب، والمعروف كونه من كلام الزهري)). (241)

والثاني: لو صح لحمل على ما زاد على ركعتين جمعاً بين الأحاديث. (242)

الأمر الثالث: كما نوقش من وجهين آخَرْين:

أحدهما: إنه مجهول؛ قال في الحاوي: ((وأما الحديث فمجهول)). (243)

والثاني: إن صح فإنه مخصوص؛ قال في الحاوي: ((وإن صح كان مخصوصاً)). (244)

د وأما دليلهم الرابع: أحاديث الإنصات فنوافق على أن من قال لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب ((أنصت)) فقد لغا.

أما حديثهم حديث أبي هريرة ذلك أنه يفيد بطريق الدلالة منع .. إلخ .. فنوقش: بأن العبارة مقدمة على الدلالة عند المعارضة، وقد ثبتت (245) العبارة، وهو ما روي: ((جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب) فقال: " أصليت يا فلان "، قال: ((لا)) قال: " صل ركعتين وتجوّز فيهما "، كما رأيت؛ (246) فالعبارة في هذا الحديث مقدمة على الدلالة في حديث أبي هريرة ذلك.

وأجيب: أن المعارضة غير لازمة منه لجواز كونه قطع الخطبة حتى فرغ. (247) وهو كذلك؛ أخرجه علي بن عمر الدارقطني (248): " قم فاركع ركعتين، وأَمْسَك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته". (249) وعنده: ((أسنده عُبيد بن محمد العبدي، (250) ووهِم فيه)). (251)

ثم أخرجه: الدارقطني من رواية وفيه: " ثم انْتَظَرَه حتى صلى) ". (252) وهو مرسل. (253) وعنده ((أن هذا المرسل هو الصواب)). (254)

قال في شرح فتح القدير: ((ونحن نقول المرسل حجة فيجب اعتقاد مقتضاه علينا، ثم رفعه زيادة؛ إذ لم يعارض ما قبلها، فإن غيره ساكت عن أنه أَمْسَك عن الخطبة أولاً، وزيادة الثقة مقبولة، ومجرد زيادته لا توجب الحكم بغلطه وإلا لم تقبل زيادة، وما زاده مسلم فيه من قوله: " إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما "، (255) لا ينفي كون المراد أن يركع مع سكوت الخطيب؛ لما ثبت في السنة من ذلك، أو كان قبل تحريم الصلاة في حال الخطبة، فتَسْلَم تلك الدلالة عن المعارض)). (256)

على أن أحاديث الإنصات جميعها في غير محل المقام.

وهذا الأمر بالإنصات لاستماع الخطبة، وليس دليلاً على أن موضع كلام الإمام ليس بموضع صلاة، فتحية داخل المسجد والإمام يخطب تخالف من كان موجوداً في المسجد يستمع للخطبة، فعليه أن ينصت وإلا لعمّت الفوضى، ولما استفيد من الخطبة.

المقصد الرابع: مناقشة استدلال القول الثاني بالأثر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير