تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أ أما دليلهم الأول من الأثر، وهو أثر ابن عباس وابن عمر بروايتيه فيناقش: بأن فيهما: ((الحجاج بن أَرْطأة النخعي)(257) وهو كثير الخطأ والتدليس. (258)

ثم ذلك أنهما يكرهان الصلاة والكلام يوم الجمعة لمن كان في المسجد وإلا لما استمع الناس للخطبة، ولما كان للخطبة فائدة. ومن كان في المسجد جالساً فعليه أن يقلد قول الصحابي.

ب وأما أثر ثعلبة فالرواية الثالثة له مؤيدة للروايتين الأوليين له. لكنه يناقش: بأنه كالأثر السابق. ولم يخص من دخل والإمام يخطب بمنعه من الصلاة. وفيه: " إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر" فدل على أن المراد ليس الداخل وإنما الجالس في المسجد. وفيه في الرواية الثالثة: " كان الإمام إذا خرج .. تركنا "، فدل على أن المراد الموجود في المسجد.

ج وأما أثر عقبة ففيه: ((عبدالله بن لَهِيعة (259) الحضرمي)) (260) وهو ((ضعيف)). (261) والمقصود: الصلاة مِن مَن كان في المسجد جالساً والإمام على المنبر معصية.

د وأما أثر عبدالله بن صفوان فذلك خاص به، وقد يكون ذلك هو المناسب أو المصلحة فيه.

هـ وكذا أثر شريح بروايتيه مثل هذا.

و وأما أثر أبي قِلابة فيناقش: بأن فيه ((علي بن عاصم)(262) قال في الكاشف: ((ضعّفوه)). (263) وقال في تقريب التهذيب: ((يخطئ، ويصرّ، ورمي بالتشيُّع)). (264)

على أن ذلك خاص بأبي قِلابة، وقد يكون ذلك هو المناسب أو المصلحة فيه.

ز وأما أثر عروة، وأثر سعيد بن المسيب بروايتيه، والرواية الأولى لأثر الزهري فيجاب عن ذلك: بأن المراد منه لمن كان جالساً في المسجد.

ح وأما الرواية الثانية والثالثة لأثر الزهري، وأثر مجاهد، وأثرابن سيرين بروايتيه فيجاب عن ذلك: بأن ذلك اجتهاد منهم وخاص بهم.

ط وأما أثر علقمة: فهو في الكلام. ثم هو أمر مُجتهِدٌ فيه علقمة.

ويجاب عنه: بأن هذه السنة الجارية، وعندما يصلي فإنه يستمع، وهو يخالف الكلام، فالكلام ليس بعبادة وإنما فوضى وتشويش على الحضور داخل المسجد حال الخطبة، والصلاة تحية المسجد عبادة لله، والركوع لا يُشغله بل ترك الركعتين يجعله يتهاون في أمر العبادة ويَتساهل فيه.

المقصد الخامس: مناقشة استدلال القول الثاني بالمعقول.

وأما قياسه على الجالس فالمعنى فيه أنه إنما أمر به من تحية المسجد. (265) والداخل ليس كالجالس قبل بدء الإمام في الخطبة. ويختلف عن أوقات النهي، وليس كذلك الخطبة، فالأحاديث صريحة وواضحة، فمن كان في المسجد قيامه حال الخطبة وصلاته يؤدي إلى الفوضى والتشويش على الحضور، بخلاف الداخل حال الخطبة ".

مجلة جامعة أم القرى 11، ابتداءً من ص17

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:20 م]ـ

إلى أن قال الباحث:

"على أن السبب في الاختلاف في هذا البحث مُعَارضة القياس (280) لعموم الأثر، وذلك أن عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم فليركع ركعتين)(281) يُوجب أن يركع الداخل في المسجد يوم الجمعة وإن كان الإمام يخطب، والأمر بالإنصات إلى الخطيب كما عرفت (282) يوجب دليله أن لا يشتغل بشيء مما يُشغل عن الإنصات وإن كان عبادة، ويُؤيد عموم هذا الأثر ما ثبت من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين خفيفتين". (283) وأكثر رواياته:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الداخل أن يركع، ولم يقل إذا جاء أحدكم" (284) فيتطرق إلى هذا الخلاف في هل تقبل زيادة الراوي الواحد إذا خالفه أصحابه عن الشيخ الأول الذي اجتمعوا في الرواية عنه أم لا؟ فإن صحت الزيادة وجب العمل بها؛ فإنها نص في موضع الخلاف. (285)

والنص لا يجب أن يعارض بالقياس، لكن يُشْبه أن يكون الذي راعاه مالك بن أنس الأصبحي (286) في هذا هو العمل. (287)

إلا أنه يؤيد هذا القول الراجح (القول الأول: يصلي): السنة الصحيحة، والأثر المعتمد على هذه السنة، والمعقول السليم؛ فحديث جابر (حديث سُليك): روايته الأولى صحيحة؛ ممن أخرجها: محمد بن إسماعيل البخاري، (288) ومسلم بن الحجاج القُشيري النَّيسابوري؛ (289) فهو ((متفق عليه))، حديث صحيح، صححه الترمذي وذكر أنه أصح شيء في هذا الباب كما عرفت، (290) وروايته الثانية صحيحة، وكذلك الثالثة؛ ممن أخرجهما: مسلم، وأيضاً روايته الرابعة صحيحة؛ ممن أخرجها: البخاري ومسلم، وصححها يحيى بن شرف النووي الشافعي، (291) وقال عنها عبدالله بن أحمد بن قُدامة الحنبلي (292): ((متفق عليها) فقد قال في المغني: ((متفق عليه)). (293) وروايته السادسة صحيحة، وكذا السابعة؛ ممن أخرجهما: مسلم. فحديث جابر هذا نص، وتقدم جميع هذا كما عرفت. (294)

وقد أكّده الترمذي بحديث أبي سعيد: " أنه دخل ومروان يخطب فصلى، وبيّن أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر به ". ويرويه سفيان بن عيينة، وقال عن ((محمد بن عجلان)): ((ثقة مأمون في الحديث)) كما رأيت. (295) ...

وقال ابن العربي: ((والذي عندي أن محمد بن عجلان إمام لا كلام لأحد فيه إلا بغير حجة)). (296)

على أن حديث أبي سعيد هذا صحيح؛ صححه الترمذي. (297) وكذا حديث أبي قتادة صحيح؛ صححه النووي، (298) وقال ابن قدامه: ((متفق عليه)). (299) فهي أحاديث صحيحة صريحة واضحة لا مجال للتأويل الفاسد.

وأثر الحسن لا يضره ما في إسناد الرواية الثالثة والرابعة من ضعف؛ فقد رددته كما رأيت. (300)

وأحاديث الإنصات ليست للمقام دليلاً.

على أن بحثي هذا خِلافيّ كما رأيت، والنتيجة هذه لا تقلِّل من قيمة القولين المخالفَين، لا سيما وأن من أخذ بذلك، أئمة كبار، إلا أن الواجب الاتباع، ومخالف النص الصحيح لا ينظر إلى قوله مع وجود النص الصحيح الصريح، رحمنا الله برحمته، وفقهنا في دينه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير