يعبد الله جل وعلا ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ? [الذاريات:56]، فإذا كان الأمر كذلك فإن المحافظة على الدين يعني المحافظة على علة خلق الإنسان وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له، والرسل جميعا بُعثوا لأجل هذه الغاية، المحافظة على الدين أو لتجديد الدين أو لتذكير الناس بالدين وهو توحيد الله جل وعلا وطاعة الرسل، ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ? [النحل:36].
الدّين يرجع إلى التوحيد والعبادات ثم إلى المعاملات والأمور الاجتماعية والأسرية، ثم إلى الأخلاق.
ولهذا كان من الضروريات المحافظة على هذه الأصول جميعا:
[كيف نحافظ على التوحيد؟]
الأول: التوحيد، كيف يحافظ على التوحيد؟
أولا: أن يدعى إليه.
وأن يربى الصغار عليه حتى يفهموا حق الله عليهم حسب مستواهم وبحسب قدرتهم، يربوا على العقيدة الصحيحة التي تنكسر على صخرتها دعاوى الإلحاديين والتغريبيين والذين يريدون من الأمة أن ينصرفوا عن حقيقة هذا الدين إلى رؤى الغرب والشرق والانحلال من عبادة الله جل وعلا والدينونة له بالطاعة.
أيضا الكبار يذكّرون بهذا الأمر ويُدعون إليه بين الحين والآخر، ولذلك صارت الوسائل التي هذا الأمر ضروري أن يحافظ عليها.
فالذي يأتي مثلا ويقول إن مصلحة الأمة غير متعلقة بالدعوة إلى العقيدة أو الدعوة توحيد الله أو الدعوة إلى السنة أو الدعوة إلى طاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو الدعوة إلى ما كان عليه السلف الصالح ونحو ذلك نحن يجب عليها أن ندعو إلى مصالح جديدة، هنا هو دعا إلى مصالح عقلية متوهمة، لكن المصالح الأصلية المنصوص عليها بالمحافظة على الدين الذي وصفنا لكم فإنه يكون قد تخلف عمن مراد شرعي من مقصود الشرع في الخلق وهو المحافظة على دين الناس وعلى توحيدهم وعقيدتهم وعبادتهم لربهم.
[كيف نحافظ على العبادات؟]
العبادات المقصود منها أن يكون هناك محافظة على أداء الناس لهذه العبادات، الصلوات في المساجد بالحض عليها والأمر بها وكثرة بناء المساجد، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما روت عائشة أمر ببناء المساجد في الدور، في الدور يعني في الأحياء في الأحياء ولان تنظف وتتطيب، ذلك لأن المصلحة العبادية مصلحة الشرع في عيادة الناس لا تتحقق إلا ببناء المساجد في الدور، ولذلك كان على الأمة أن تقوم بذلك لتحقيق هذه المصلحة في الناس.
الزكاة، الصيام، الحج، كذلك تيسر السبل لذلك وأن تحقق المصالح بأدائها.
لهذا نرى مثلا أن في مسألة الزّكاة أن الزكاة منها ما يلي أخذها الإمام أو نوابه، ومنها ما هو متروك للناس الأموال قسمان:
* أموال ظاهرة مثل الزّروع والثمار وبهيمة الأنعام وما أشبه ذلك.
* وأموال باطنة الريالات الذهب والفضة إلى آخره الأشياء الباطنة.
الأمور الباطنة التي ليست ظاهرة بينة الناس يرونها فهذه متروكة لك أنت تتولى صرفها وأنت مؤتمن على ذلك، لكن الأموال الظاهرة التي يراها الناس الزروع والثمار النخيل بهيمة الماشية الأنعام البقر الغنم الإبل وما شابه ذلك هذه كلها المخاطب بأن يأخذها من الناس ولي الأمر، لذلك المصلحة هنا أن تكون الأموال الظاهرة تبذل وتعطى للجهات المختصة حتى يدفعها لأهل الحاجات.
[ما هي المعاملات؟ وكيفية المحافظة عليها وعلى الأمور الأسرية والأخلاق]
أمور المعاملات، المعاملات البيع والشراء، الشركات، قروض وما يتصل بذلك، المساقاة المزارعة، هذه المسائل مسائل متعلقة بدنيا الناس؛ ولكن هي محافظة عليها من المحافظة على الدين، هنا يجب أن توضع السبل لكي يحافظ على أموال الناس وعلى أن يكون بعضهم لا يجني على بعض ولا يظلم بعضا، ولا يأكل بعضهم أموال بعض؛ لأن هذه مصلحة عامة متعلقة بتحقيق الحفظ لمال الناس وهو راجع لمقصود الشرع من الخلق، والله جل وعلا يقول ?وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ? [البقرة:279]، وذلك أن أساس المعاملات وتحقيق العدل بين الناس ودفع الظلم.
هكذا في الأمور المتعلقة الأمور الأسرية، الشريعة حافظت على التشريعات المتعلقة بالأسرة لأن فيها مصلحة الناس في تفاصليها.
¥