تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في عهد الصحابة رضوان الله عليه في المدينة كان يفتي أبو بكر، في عهد عمر يفتي عمر وإذا جاءت مسألة عظيمة جمع لها أهل بدر يسألهم فيها، وربما استشار في مثل مسائل معروفة في الفرائض وفي غيرها، نوّب عنه من يفتي.

فإذن الإفتاء منوط بمن جعل مفتيا، أنابه ولي الأمر في الإفتاء بأنه أنت هو الذي تفتي الناس، أو أذن له إما باللفظ وإما بالعرف.

فحينئذ إذا كان كل أحد يريد أن ينازع في الفتوى أولا يعجب من ذلك من جهتين:

الجهة الأولى: جهة الخوف من الله جل وعلا كيف واحد يصدر نفسه للفتوى، ويفتي في اليوم مائة مسألة خاصة في بعض المواقع في الأنترنت أو في بعض الأماكن أو يفتي بكثرة وهو ليس من المتأهلين لهذا الشأن، أولا الخوف من الله جل وعلا الصحابة كانوا يتدافعون الفتيا، هذا من جهة.

الجهة الثانية يجب عليه أن يراعي المصلحة العلليا لأنه ليس لكل أحد أن يفتي، يستأذن المفتي ولي الأمر فإن أذن له بالفتوى أفتى وإلا فليس له ذلك فالمسألة مسألة دينية.

فرعاية مصالح الناس في ضبط الفتوى هي مصلحة دينية ودنيوية وهي الأكثر؛ لأنه حينئذ بعض الناس يحصل له اختلاف مع البعض، ويحصل هناك فرقة ويحصل هناك شتات في الأمور العامة، والله في المسألة الفلانية نفعل كذا أو ما نفعل كذا، نسأل فلان سألوه بما يخالف فتوى أهل العلم الراسخين فيه، بما يخالف فتوى المفتي، بما يخالف الفتوى في ذلك، فحينئذ يحصل الخلاف في الناس والخلاف شر.

مثلا بعض طلبة العلم يأتي ويقول أنا أرى أن فتوى المفتي أيًّا كان ليست صائبة في هذه المسألة، نقول هنا جهتان:

الجهة الأولى: هل الفتوى متعلقة بك أنت وبأهلك في بيتك أو متعلقة بالشأن العام؟ إذا كانت متعلقة بك فأنت تعمل خاصة إذا كان طالب علم يستطيع يبحث تعمل بما تدين الله جل وعلا به في نفسك.

لكن إذا كانت متعلقة بالأمة وبالغير فليس لك أن تفتئت وتفتي للأمة لما يخالف فتوى أهل الاختصاص الذين أنيط بهم رعاية المصلحة في الفتوى.

الفتوى ما هي الفتوى في الحقيقة؟ هي توقيع عن رب العالمين، بمعنى أنها إبلاغ بأن مقصد الرب جل وعلا من الناس في هذه المسألة شرعا هو كذا، وقد يكون المقصد هنا برعاية نص وقد يكون برعاية النصوص مع القواعد العامة ورعاية تحصيل المصالح ودرء المفاسد، وفي الغالب فإنّ أهل الإفتاء وأهل الاختصاص يطلعون من التفاصيل ما لا يطلع عليه عامة الناس، فلذلك كان من مصالح العليا المنوطة بالأمة أن تجتمع في الفتيا وأن لا تتفرق في الفتيا في المسائل العامة المتعلقة بالأمة.

ولهذا لا يصلح أن ينصب فئة من الناس أنفسهم مفتين فيما يتعلّق بالمصالح العليا بالأمة.

مسائل هذه المحاضرة كثيرة ومتنوعة.

اللهم وفق علماءنا لما فيه الرشد والسداد واجزهم خيرا، واجعلهم من رشد إلى رشد ومن هيبة إلى هيبة إنك على كل شيء قدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اللهم فاغفر جمّة وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

الفهرس

[مقدمة] 2

[من أهم مقاصد الإسلام تحقيق مصالح العباد في الدين والدنيا] 2

[تحديد مفهوم المصلحة في الإسلام وحدودها] 3

[معنى (الأمة) واستعمالاتها في الشّرع] 4

[من هم المرجعية في تحديد المصالح العليا للأمة؟] 5

[المسؤولية في مصالح الأمة العليا راجعة إلى ولي الأمر أو من ينيبه] 6

[عدم جواز تعدي الفرد على الإمام في تحديد مصالح الأمة العليا] 8

[أهمية حفظ الدّين وكيفية ذلك] 8

[كيف نحافظ على التوحيد؟] 9

[كيف نحافظ على العبادات؟] 10

[ما هي المعاملات؟ وكيفية المحافظة عليها وعلى الأمور الأسرية والأخلاق] 11

[من فوائد تحقيق المصالح الدينية: اجتماع الناس وعدم تفرقهم] 12

[من علامات التفرق في الدين: عدم الرجوع إلى أهل الاختصاص] 13

[مشاركة الفرد في تحقيق المصالح العليا تكون بالنصيحة والبيان] 14

[بعض المخالفات الناتجة عن الافتئات عن أولي الأمر] 14

[من المصالح العليا للأمة في دنياها: أن تكون قوية مهابة] 16

[من آثار اختلال هيبة الأمة: اختلال الأمن وظهور الفتن] 16

[من المصالح العليا للأمة في دنياها: أن يتحقق العدل ويرتفع الظلم أو يقل] 17

[بعض الأسباب المعينة على دفع الظلم وتحقيق العدل] 18

[قاعدة: كلما قوي الدين قويت مظِنة تحقيق العدل واندفاع الظلم] 19

[من المصالح العليا للأمة في دنياها: أن يتحقق الأمن الشامل العام التام] 19

[تمام الأمن وكماله يتحقق بتمام الدين وتمكنه والعكس بالعكس] 20

[أهم واجبات ولي الأمر] 21

[من المصالح العليا للأمة في دنياها: انضباط الأمور الدينية كالقضاء واستقلالها] 21

[من المصالح العليا للأمة في دنياها: انضباط الأمور الدينية كالفتوى واستقلالها] 22

الفهرس 25

أعدّ هذه المادّة: سالم الجزائري


(1) سماحة الشيخ مفتي المملكة السعودية العلامة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
(2) هذه العناوين من اختيار فيصل للإنتاج الإسلامي.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير