تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن سعيد بن جبير أيضاً، ثم قال: قال أبو بكر: فإن تكلم متكلم في حديث حبيب، وقال لا يصح يعني المطر، قيل: قد ثبت من حديث أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله لما قيل له: لم فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته، ولو كان ثَمَّ مطر من أجله جمع بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لذكره ابن عباس عن السبب الذي جمع بينهما، فلمَّا لم يذكره وأخبر بأنه أراد أن لا يحرج أمته؛ دلَّ على أنَّ جمعَه كان في غير حال المطر، وغير جائز دفع يقين ابن عباس مع حضوره بشك مالك، فإن قال قائل: فإنَّ ابن عمر وغيره ممن ذكرنا، قد جمعوا في حال المطر، قيل: إذا ثبتت الرخصة في الجمع بين الصلاتين جمع بينهما للمطر والريح والظلمة ولغير ذلك من الأمراض وسائر العلل، وأحق الناس بأن يقبل ما قاله ابن عباس بغير شك؛ مَنْ جعل قول ابن عباس لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يقبض، فقال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله، حجةً بنى عليها المسائل، فمن استعمل شك ابن عباس وبنى عليه المسائل وامتنع أن يقبل يقينه لما خبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يحرج أمته بعيد من الإنصاف، وقد روينا عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ما لم يتخذه عادة)) (الأوسط) [2/ 432]

7 - وقال النووي: ((وللعلماء فيها – أي في أحاديث الصلاة في الحضر- تأويلات ومذاهب، وقد قال الترمذي في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلا حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر، هو كما قاله، فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه، وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به بل لهم أقوال: منهم: من تأوله على أنه جمع بعذر المطر وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين وهو ضعيف بالرواية الأخرى من غير خوف ولا مطر؛ ومنهم: من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر دخل فصلاها، وهذا أيضاً باطل؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر لا احتمال فيه في المغرب والعشاء، ومنهم: من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها فصارت صلاته صورة جمع، وهذا أيضاً ضعيف أو باطل؛ لأنه مخالف للظاهر مخالفةً لا تَحْتَمِل، وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب، واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره، صريح في ردِّ هذا التأويل، ومنهم: من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار، وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث، ولفعل ابن عباس وموافقة أبي هريرة، ولأن المشقة فيه أشد من المطر)) اهـ (شرح مسلم) [5/ 218، 219].

8 - وقال السيوطي: ((واختاره بعد النووي السبكي والإسنوي والبلقيني وهو الذي أختاره وأعتمده)) اهـ (الديباج) [2/ص:335].

9 - وقال النووي: ((وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين، وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال، والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم)) (شرح مسلم) [5/ 218، 219].

10 - قال الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله: ((وهذا هو الصحيح الذي يؤخذ من الحديث، وأما التأويل بالمرض أو العذر أو غيره؛ فإنه تكلف لا دليل عليه، وفي الأخذ بهذا رفع كثير من الحرج عن أُناس قد تضطرهم أعمالهم أو ظروف قاهرة إلى الجمع بين الصلاتين، ويتأثمون من ذلك ويتحرجون، ففي هذا ترفيه لهم وإعانة على الطاعة، ما لم يتخذه عادة، كما قال ابن سيرين)) اهـ (هامش سنن الترمذي) [1/ 358، 359].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير