6 - وعن عروة عن عائشة قالت: (كان الناس يتناوبون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء فيصيبهم الغبار والعرق فتخرج منهم الريح فأتى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا).
متفق عليه.
قوله: (يتناوبون الجمعة) أي يأتونها. والعوالي هي القرى التي حول المدينة على أربعة أميال منها.
قوله: (في العباء) هو بالمد وفتح العين المهملة جمع عباءة بالمد وعباية بالياء لغتان مشهورتان.
قوله: (لو أنكم تطهرتم) لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب أو للشرط والجواب محذوف تقديره لكان حسنًا.
الحديث استدل به من قال بعدم وجوب غسل الجمعة وقد قدمنا تقرير الاستدلال به والجواب عليه في أول الباب.
7 - وعن أوس بن أوس الثقفي قال: (سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها).
رواه الخمسة ولم يذكر الترمذي (ومشى ولم يركب).
الحديث حسنه الترمذي وسكت عليه أبو داود والمنذري وقد اختلف فيه على أبي الأشعث وعلى عبد الرحمن بن زيد. وعلى عبد اللَّه بن المبارك. وقد رواه الطبراني بإسناد قال العراقي: حسن عن أوس المذكور.
ورواه أحمد في مسنده عنه عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم.
قوله: (غسل) روي بالتخفيف والتشديد قيل أراد غسل رأسه واغتسل أي غسل سائر بدنه وقيل جامع زوجته فأوجب عليها الغسل فكأنه غسلها واغتسل في نفسه.
وقيل كرر ذلك للتأكيد ويرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داود في هذا الحديث بلفظ: (من غسل رأسه واغتسل) وما في البخاري عن طاوس قال: قلت لابن عباس ذكروا (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم) الحديث.
وقال صاحب المحكم: غسل امرأته يغسلها غسلًا أكثر نكاحها. وقال الزمخشري: ويقال غسل المرأة بالتخفيف والتشديد إذا جامعها وحكاه صاحب النهاية وغيره أيضًا.
وقيل المراد غسل أعضاء الوضوء واغتسل للجمعة. وقيل غسل ثيابه واغتسل لجسده.
قوله: (بكر) بالتشديد على المشهور أي راح في أول الوقت وابتكر أي أدرك أول الخطبة ورجحه العراقي. وقيل كرره للتأكيد وبه جزم ابن العربي.
والحديث يدل على مشروعية الغسل يوم الجمعة وقد تقدم الخلاف فيه وعلى مشروعية التبكير والمشي والدنو من الإمام والاستماع وترك اللغو وأن الجمع بين هذه الأمور سبب لاستحقاق ذلك الثواب الجزيل.
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار / الجزء الأول
[email protected]
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[03 - 02 - 08, 02:26 ص]ـ
من الخطأ الشائع حمل قوله صلى الله عليه وسلم: (واجب على كل محتلم) على الوجوب الاصطلاحي، أي: ما يثاب فاعله امتثالاً ويعاقب تاركه. والله أعلم
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[04 - 02 - 08, 02:27 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبا يوسف
ما ذكرته _ بارك الله فيك _ أمر مهم وهو أن كثيراً من الفقهاء والمتأخرين يحملون ألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة على مصطلحات المتأخرين ممن ألف في أصول الفقه والفقه وغيرهما ولهذا أمثلة كثيرة مثل: (القضاء، والكراهة، والتأويل، والنسخ، والإيمان، والكفر، والاختلاف، والتمتع، والفقه، والقنوت ... ) وغير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فصل: جامع نافع:
الأسماء التي علق الله بها الأحكام في الكتاب والسنة:
منها ما يعرف حده ومسماه بالشرع فقد بينه الله ورسوله: كاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج؛ والإيمان والإسلام؛ والكفر والنفاق.
ومنه ما يعرف حده باللغة؛ كالشمس والقمر؛ والسماء والأرض؛ والبر والبحر.
ومنه ما يرجع حده إلى عادة الناس وعرفهم فيتنوع بحسب عادتهم؛ كاسم البيع والنكاح والقبض والدرهم والدينار؛ ونحو ذلك من الأسماء التي لم يحدها الشارع بحد؛ ولا لها حد واحد يشترك فيه جميع أهل اللغة بل يختلف قدره وصفته باختلاف عادات الناس.
فما كان من النوع الأول فقد بينه الله ورسوله وما كان من الثاني والثالث فالصحابة والتابعون المخاطبون بالكتاب والسنة قد عرفوا المراد به؛ لمعرفتهم بمسماه المحدود في اللغة أو المطلق في عرف الناس وعادتهم من غير حد شرعي ولا لغوي وبهذا يحصل التفقه في الكتاب والسنة.
والاسم إذا بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حد مسماه لم يلزم أن يكون قد نقله عن اللغة أو زاد فيه بل المقصود أنه عرف مراده بتعريفه هو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كيفما كان الأمر؛ فإن هذا هو المقصود وهذا كاسم الخمر؛ فإنه قد بين أن كل مسكر خمر فعرف المراد بالقرآن وسواء كانت العرب قبل ذلك تطلق لفظ الخمر على كل مسكر أو تخص به عصير العنب. لا يحتاج إلى ذلك؛ إذ المطلوب معرفة ما أراد الله ورسوله بهذا الاسم وهذا قد عرف ببيان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبأن الخمر في لغة المخاطبين بالقرآن كانت تتناول نبيذ التمر وغيره ولم يكن عندهم بالمدينة خمر غيرها وإذا كان الأمر كذلك فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله .... ) مجموع الفتاوى (19/ 235 - 236)
وقد وضع أهل العلم من الأصوليين وغيرهم لمثل هذه الاستعمالات قواعد وضوابط وعليه فمن يتكلم بمثل هذه الأمور لا بد أن يراعي ابتداء:
1 - اطلاقات اللغة والرجوع إلى ما كتبه أهل اللغة في تأويل الكتاب والسنة وغريبهما.
2 - فهم الصحابة والتابعين لهذا اللفظ.
3 - استقراء نصوص الشريعة في هذا اللفظ.
4 - ما ذكره أهل العلم المحققون في فهم هذه الألفاظ.
والله أعلم
¥