تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشيء الثاني: أن هذا المسجد القديم أحق من الجديد، والله يقول: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) فصاحب المسجد القديم والأرض القديمة أولى بالعبادة من الأرض الجديدة. وجمهرة السلف وأئمة العلم على أنه لو تعارض مسجدان أحدهما قديم والآخر جديد فالأفضل أن تصلي في القديم؛ لأن القديم نص الله عز وجل على أحقيته (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ). فلذلك لا ينبغي التلاعب في هذه الأمور، ولا التساهل في إحداث المساجد وبنائها، الآن تجد مسجداً صغيراً يصلي فيه أهل القرية الجمعة، ثم تفاجأ بشخص يأتي ويبني مسجداً آخر بجواره، هذا جهل! من الذي أذن له أن يبني؟! ومن الذي أفتاه بهذا؟! ينبغي الرجوع إلى أهل العلم ووضع الأمور في نصابها، هذه أمور فيها حقوق شخصية، أهل العلم لهم كلمة في هذا وهم أحق أن يرجع إليهم، كما أن المهندس يبني عمارته. كذلك الأرض لا يمكن أن يفرط فيها، والحقوق التي تساهل فيها أهلها وبذلوها لوجه الله عز وجل لا يمكن أن تذهب هدراً، بذلوها لوجه الله وأوقفوها لوجه الله، أموات ينتظرون ثوابها في قبورهم، ويأتي من يجرؤ على هدم المسجد ثم يجعله دورات مياه!!

هذا الأمر كله باطل، ويعاد الأمر إلى ما كان عليه، ويقال لمن يريد أن يوسعه: وسع مع إبقاء القديم، الأرض القديمة تبقى أرضاً للعبادة. إذا كان يريد أن يبني سكناً للإمام فجزاه الله خيراً، يريد أن يبني سكناً للمؤذن جزاه الله خيراً، لكن ليس على حساب حقوق الآخرين. كذلك ننبه على أن حد الأرض المسجد الآن بكامله يصلى فيه، لو جاء إمام المسجد وقال: نريد أن نضع حاجزاً ونبني مكتبة، فلا يصح أبداً، صاحب المسجد ما وضعه مكتبة، ولا أوقفه مكتبة، أوقفه مسجداً للصلاة، فينظر إذا كان هذا يضيق للصلاة ويمنع من الصلاة فيه فيمنع منه، ويبقى على الأصل أرضاً. ونقول لمن يريد أن يفعل مكتبة: جزاك الله خيراً أضف إلى المسجد قطعة أرض تكون مكتبة أو تجعل المكتبة في منطقة تابعة للمسجد. أما إن كانت الأرض قد أوقفها وسبلها صاحبها للصلاة فتبقى للصلاة، ولا يغير في الأوقاف ولا يبدل إلا وقف أصول شرعية محددة مرتبة، وقد تقدم بيانها في كتاب الوقف. فعلى المهندسين أن يتقوا الله عز وجل، وعلى كل من له علاقة بهذه الأمور أن يتقي الله عز وجل، وأن لا يغير ولا يبدل؛ لأن تبديل الأوقاف تبديل وتغيير لشرع الله عز وجل، فالوقف ما سمي وقفاً إلا للتحبيس. ولذلك جاء في الصحيحين عن ابن عمر لما روى عن أبيه عمر قال: (إني أصبت أرضاً بخيبر هي أحب مالي إلي لم أصب مالاً هو أنفس عندي منه، فماذا تأمرني فيه؟ قال: إن شئت حبست أصلها). فبيّن أن الوقف محبوس لا يجوز صرفه عن هذا الحبس، ولذلك سميت أوقاف المسلمين أحباساً لأنها أوقفت فتبقى محبوسة على ما أوقفت عليه، وهذا أمر ينبغي التنبه له والتناصح فيه، وتذكير الناس بالله عز وجل، حتى لا يسيئوا إلى غيرهم. فكم من إنسان يريد الحسنة فيقع في السيئة، والسبب في هذا الجهل، وقد قال الله عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:2 - 4] فهي عاملة ناصبة. عمر بن الخطاب لما نظر إلى النصراني في صومعته بكى قيل: يا ابن الخطاب أترق للنصرانية؟ قال: لا والله ومعاذ الله إني نظرت إليه فذكرت قول الله عز وجل: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:3 - 4]. فهذا الشخص قد يأتي ويهدم مسجداً ويسيء إلى أخيه ويجعله دورات المياه؛ أعوذ بالله هذا لا يجوز! وعليكم النصيحة لهذا المهندس الذي قام بهذا الشيء، وينصح كل من يقوم بهذا الأشياء أن يرجع إلى أهل العلم فيما يتصل بالمساجد ونحوها. نسأل الله العظيم أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلم.

ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[25 - 02 - 08, 02:49 م]ـ

نعم هذا هو شيخنا المبارك حفظه الله ووفقه ومن عليه بالصحة والعافية، وجزاك الله خيرا أخي الكريم.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 02 - 08, 03:17 م]ـ

جزاكم الله خيرا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير