الأول:أن الأثر ضعيف فيه الحجاج بن أرطاة ضعيف، وهو مدلس ولم يصرح بالحديث، وإبراهيم لم يدرك ابن مسعود، لذلك ضعفه الحويني ـ حفظه الله ـ في رسالته.
الثاني: أن ابن مسعود كما ذكر وأخرجه الدارمي كان يرى التخيير لما سئل عن ذلك فقال: ((كله طيب)) (1/ 1320).
وهناك أحاديث أخرى في هذا الباب لكن لم يتكلم العلماء عنها لضعفها، ووهائها الظاهر منها:
1) حديث أبي هريرة: ((فليبدأ بركبته قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل)) (22).
وهو ظاهر الوهاء؛ لأنه من رواية عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن جده، وعبد الله هذا ضعفه العلماء بل واتهمه بعض أهل العلم بالكذب؛ لذلك قال ابن حجر: ((متروك))، وقال الذهبي: ((واه)).
2) حديث أبي بن كعب: ((كان يخر على ركبتيه ولا يتكئ)) (23).
من طريق معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب، عن أبيه، عن جده، عن أبي بن كعب.
قال ابن المديني: ((لا نعرف محمد بن معاذ هذا، ولا أباه، ولا جده في الرواية، وهذا إسناد مجهول)).
ثالثا: بحث ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب ((زاد المعاد)):
فلن أتعدى فيه ما ذكره شيخنا الحويني (24) ـ حفظه الله ـ، وفيما قاله ورد به كفاية في توضيح المراد بإذن الله ولكن باختصار وأنقله هنا للفائدة:
حديث وائل بن حجر تقدم الكلام عليه وبينا أنه ضعيف، وحديث أبي هريرة لعل متنه أنقلب.
قال الحويني ـ حفظه الله ـ: ((قلت: أصاب شيخ الإسلام أجرا واحدا، فما قاله أقرب إلى الرجم بالغيب منه إلى التحقيق العلمي، وقد رده الشيخ / ملا علي القارئ في مرقاة المفاتيح (1/ 552)، فقال:
((وقول ابن القيم فيه نظر إذ لو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية راوى مع كونها صحيحة))، وصدق يرحمه الله فلو فتح الباب لرد الناس كثيرا من السنن دونما دليل بحجة أن راويه أخطأ فيه ولعله كذا.
أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث سعد، وقد تقدم الكلام على حديث سعد هذا .... وركبة البعير ليست في يده ...
قلت ـ الحويني ـ: فيه نظر، وركبة البعير في يده ونص أهل اللغة معنى ذلك وإن أنكر شيخ الإسلام، ثم ذكر كلام ابن منظور والأزهري وغيرهما في إثبات أن ركبة البعير في اللغة في يده، وسيأتي مناقشة ذلك.
- المذهب القائل بالنسخ:
وهذا هو مذهب ابن خزيمة، والخطابي وذكره ابن القيم في ضمن بحثه، واستدلوا بحديث سعد بن أبي وقاص، والحديث ضعيف فلا يحتج به في ذلك.
-.
خلاصة القول في المذهب الأول: أنه لم يصح فيه إلا الموقوف على عمر ـ رضي الله عنه وسيأتي توجيه العلماء له في فصل الترجيح بإذن الله تعالى.
- المذهب الثاني والكلام على أدلته:
هذا المذهب الذي تبناه كثير من أهل الحديث وقدموا فيه أدلة اليدين على الركبتين، وأقوى دليل عندهم هو حديث أبي هريرة.
1): جاء من طريق محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عنه، وجاء عن محمد من طريقين:
الأولى: الدراوردي عنه بلفظ: ((فلا يبرك كما يبرك البعير، ولكن يضع يديه قبل ركبتيه)). وفي بعضها: ((الجمل)).
أخرجه أحمد (2/ 381)، وأبو داود (840)، والنسائي في المجتبى (1091)، والكبرى (678)، والدارمي (1321)، الدارقطني (1/ 344)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 254)، فوائد تمام (720)، البيهقي (2465)، ابن حزم في المحلى (4/ 128)، التحقيق (1/ 390).
الثانية: من طريق عبد الله بن نافع عنه.
أخرجه أبو داود (841)، والنسائي (1090)، والترمذي (269)، والبيهقي (2468).
بلفظ: ((يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)).
قال في المرقاة: ((قال ابن حجر: سنده جيد)).
وقال ابن حجر في البلوغ: ((وهو أقوى من حديث وائل بن حجر، فإن له شاهد من حديث ابن عمر صححه ابن خزيمة)).
قال ابن سيد الناس
: ((أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح وينبغي أن يكون حديث أبي هريرة داخلا في الحسن على رسم الترمذي لسلامة راويه من الجرح)).
وممن أعل هذا الحديث
الإمام البخاري (25)، قال:
((محمد لا يتابع عليه ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا)).
ولنا هنا وقفة ألا وهي أن بعض العلماء رد هذا الإعلال بأمور خارجة عن قواعد اهل هذا الفن مثل ما فعله
ابن التركماني ((الجوهر النقي)).
قال: قول البخاري لا يتابع على حديثه ليس بصريح في الجرح فلا تعارض لتوثيق النسائي (اى لمحمد بن الحسن)،
وكذلك المباركفوري ((التحفة)).
¥