قال أما قول البخاري فليس بمضر فإنه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر وصححه ابن خزيمة.
قلت:
وأقوالهم لا تجري على قواعد أئمة الحديث أئمة هذا الشأن الذين قالوا أن قول إمام من أئمة الحديث: ((فلان لا يتابع على هذا الحديث))، إعلال له بالتفرد بغض النظر هل المتفرد ثقة أو غير ثقة كما بينا عند الكلام على حديث وائل بن حجر.
قال ابن رجب الحنبلي (26):
((وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه))، ويجعلون ذلك علة.
أما قول ابن التركماني فليس بصواب؛ لأن كلام البخاري متعلق بإعلال الحديث لا بجرح الراوي. أما قول البخاري ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا ..
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: ((فهذا شرط البخاري في اشتراط ثبوت السماع أما على قول مسلم في المسألة فلا وجه لإعلال الحديث بهذه العلة (27) .... ،
قلت وهذه من مسائل الخلاف الطويل وليس هذا محل مناقشتها
والصواب أن البخاري أعل هذه الرواية بالتفرد لأسباب هي:
أن محمد بن عبد الله تفرد بهذا الحديث عن أبي الزناد مع كثرة أصحاب أبي الزناد وهم من الأئمة المعروفين في هذا الشأن ((الإمام مالك ـ سفيان الثوري ـ سفيان بن عيينة ........ وغيرهم)) فأين هؤلاء التلاميذ من هذا الحديث كما بينا في حديث وائل بن حجر فلا حاجة للإعادة، ولكن العلماء يجعلون ذلك من القرائن وهو أن يروي غير المشهور عن الشيخ المشهور بكثرة تلامذته ما لم يرويه أحد من هؤلاء التلاميذ. لذلك صنف الائمة تصانيف وضعوا ابوابا في المكثرين عن المشهورين والمقلين عنهم فيستفاد منها عند المخالفة او التفرد
-أن هذا الإسناد عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة من أصح الأسانيد كما قال الإمام البخاري، ومع أنه لم يروه واحد من الأئمة المشهورين مع أن هذا مما يهتم به أمثال هؤلاء الأجلاء.
قال الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعد: ((رأيت أبا الزناد دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان فمن سائل عن فريضة ومن سائل عن الحساب .... ، وكذلك أشار البيهقي إلى إعلال هذا الحديث حيث قال:
((والذي يعارضه ينفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي، وقد رواه عبد الله بن نافع مختصرا، وكذلك قول الترمذي: غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه)).انتهى
وكذلك قول الدارقطني: ((تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله)).
ورد على الدارقطني بأن الدراوردي توبع، ولعل الدارقطني ـ رحمه الله ـ يريد أن الدراوردي تفرد بهذا اللفظ، وهو التفصيل لأن مثله لا يغيب عليه مثل هذا الطريق.
لذلك قال المناوي في ((الفيض)): ((وأعله البخاري والترمذي، والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن الحسن وغيره)).
و حتى على القول الذي اختاره شيخنا الحوينى حفظه الله بأن مثل محمد يقبل منه هذا التفرد الا ان اللفظ الصريحة في تقديم اليدين لم يروها عن محمد الا الداراوردي و هو متكلم في تفرده لذا قال الدارقطني: تفرد به الدارواردي عن محمد فمحل الشاهد معلول و بقي الكلام عن البروك. فلو سلمنا ان محمدا يقبل تفرده عن ابي الزناد فكما بينا ان الراويين لم يتفقا الا في جزء من الحديث ليس فيه محل الشاهد
ومحل الشاهد تفرد به الدراوردى وهذا لا يقبل اتفاقا. وعلى هذا ينزل كلام الدارقطني رحمه الله.
قلت وهناك امر اخر
وهو ان الدراوردي دخل عليه حديث في حديث اخر
لان الدراوردي هو الذي روى كذلك حديث ابن عمر في النزول على اليدين الاتى ذكره فاتى بلفظ حديث ابن عمر على حديث ابي هريرة او فسر المجمل في حديث ابي هريرة بالمفسر في حديث ابن عمر وهذا كثيرا ما يحدث للراوي .... والله اعلم
- وحديث ابن عمر: ((كان إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه، وكان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك)) ,
أخرجه ابن خزيمة (627)، الدارقطني (1/ 344)، والحاكم (821)، والبيهقي (2470)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 254)، من طريق الدراوردي عن عبيد الله العمري، عن نافع، عن عبد الله بن عمر.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)).
وقال ابن خزيمة أنه منسوخ.
وقال البيهقي: ((ولا أراه إلا وهما))، والصواب عن ابن عمر قال: ((إذا سجد أحدكم فليضع يديه فإذا رفع فليرفعهما فإن اليدين سجدان كما يسجد الوجه)).
¥