وجه الدلالة من الآية أن الله أحل جميع صور البيع إلا مادل الدليل على تحريمه , حيث جاءت الآية الكريمة بلفظ العموم في كلمة البيع الألف واللام الدالة على الاستغراق والشمول, فهي مجيزة لجميع أنواع البيع إلا مادل الدليل على تخصيصه , والتورق من البيوع المشمولة بالحل فيبقى على أصل الإباحة.
2. مارواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكل تمر خيبر هكذا))؟ قال: لا والله يا رسول الله , إنا لنأخذ الصاع من هذا والصاعين بالثلاثة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتفعل , بع الجميع بالدراهم , ثم ابتع بالدراهم جنيبا))
وجه الدلالة من الحديث: دلالته على أن الأصل في العقود تحقيق صورته الشرعية , وأن الاحتمالات الواردة لنية العاقد لا أثر لها , وأن الشيء قد يكون حراما لعدم تحقق صورته الشرعية كما في هذه المسألة , وأنه يتحول إلى الحلال إذا غيرت صورته المحرمة مع أن المقصد واحد. [39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn39)
استدل من قال بالتحريم
1. أن التورق وسلية إلى الربا وحيله فيأخذ حكم الربا كالعينة. [40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn40)
2. أنه بيع مضطر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر [41] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn41)
المناقشة والترجيح
لا يسلم قياس التورق على العينة , فإن التورق لايظهر فيه قصد الربا لتتعدد الأطراف واختلاف الصورة مما يجعله جائزا.
أما النهي عن بيع المضطر فهو حديث ضعيف قال المنذري في اسناده رجل مجهول [42] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn42)
ثم قد فسر بيع المضطر بما يلي:
1. أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه وهذا بيع فاسد لا ينعقد
2. أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤونة ترهقه فيبيع مافي يديه بالوكس للضرورة , فإن عقد البيع على هذه الصورة صحيح مع كراهة أهل العلم. [43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn43)
الترجيح
الراجح من الأقوال هو القول الأول وهو الذي قال به الجمهور , لما فيه من قوة إستدلال وبناء على الأصل في العقود , ولما في القول به من تيسر على الناس , خصوصا مع قيام حاجة الناس على النقد العزيز , وقد قال بهذا القول جمع من المتأخرين , وهو الذي صدر به قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ونصه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11رجب 1419هـ الموافق 31/ 10/1998م , قد نظر في موضوع حكم التورق.
وبعد التداول المناقشة والرجوع إلى الأدلة والقواعد الشرعية وكلام العلماء في المسألة قرر المجلس مايلي:
1. إن بيع التورق هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه بثمن مؤجل , ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع للحصول على النقد (الورق).
2. إن بيع التورق جائز شرعا وبه قال جمهور العلماء , لأن الأصل في البيوع الإباحة لقوله جل وعلا ((وأحل الله البيع وحرم الربا)) ولم يظهر في هذا البيع ربا لا قصدا ولا صورة , ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين أو زواج او غيرهما
3. جواز هذا البيع مشروط بأن لا يبيع المشتري السلعة بأقل مما اشتراها به على بائعها الاول لا مباشرة ولا واسطة , فإن فعل فقد وقع في بيع العينة المحرم شرع لاشتماله على حيلة الربا فصار عقدا محرما
4. إن المجلس وهو يقرر ذلك يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه سبحانه لعباده من القرض الحسن من اموالهم طيبة به نفوسهم ابتغاء مرضاة الله لا يتبع من ولا أذى ............
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين
المبحث الثالث: الفرق بين العينة والتورق
¥