تسببوا بها إلى تحصيل أمور لا يقدر عليها الحيوان، وبه قدروا على تحصيل الأبنية التي تمنعهم مما يخافون، وعلى تحصيل الأكسية التي تقيهم الحر والبرد، وقيل: تكريمهم هو أن جعل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم منهم ".
الأمر الثالث: وهو المراد بـ:
الوجه الثاني: وهو أنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الله سبحانه وتعالى قد فرّق في كتابه وشرعه بين المسلمين والكفار في كل شيء، في أحكامه القدرية، أو الشرعية، في أحكام الدنيا، أو في أحكام الآخرة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في المبحث الثاني، فلا يستوون في الكرامه، ولا في حرمة الاعتداء.
والمقصود هنا: إن الله سبحانه فرّق في كتابه في الكرامة الحقيقية، فجعلها للمؤمنين، كما قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وهذا في خطاب المؤمنين، يخبرهم بتفاضلهم في الكرامة فبعضهم أكرم من بعض، فكيف بالكفار؟.
وقد بيّن الله سبحانه في كتابه أن الكفار مهانون سافلون ليست لهم كرامة:
فورد أنهم أضل من الأنعام:
كما قال تعالى عنهم (أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)، وقال تعالى (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)، وقال تعالى (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام).
وورد أنهم في أسفل السافلين:
كما قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات).
وورد أنهم أذلة مهانون:
كما قال تعالى (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين)، وقال تعالى (وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم).
الوجه الثالث: أن ترتيب حكم عدم جواز الاعتداء على (التكريم الخلقي) بحرف الفاء يدل على أن هذا التكريم علة عدم الجواز كما سبق بيانه، وهذا باطل؛ لم يقل به أحد من أهل العلم، وإنما أخذ هذا من استدلالات بعض العصرانيين هذا الزمان، كما قال شيخهم:
" الإسلام يحترم الإنسان من حيث هو إنسان، سواء كان مسلماً أو غير مسلم، له حقوق أكثر من حيث إيمانه، الله تعالى يقول (ولقد كرمنا بني آدم)، ... يعني النفس الإنسانية لها حرمة فليس هذا معناه أن هؤلاء دماؤهم مباحة وحرماتهم مباحة وكرامتهم مهدرة، هذا كلام يضر بالإسلام ويسيء إلى الإسلام ويشوه صورة الإسلام في العالم".
وانظر أخي الموحد في الآيات التي سقتها في الوجه الثاني – مع الأدلة المذكورة في المبحث
الثاني – ثم انظر في كلام هذا الرجل تجد أنهما على طرفي نقيض.
أخي القارئ أريدك أن تنظر إلى هذا التوافق العجيب بين قول الددو
وقال الدّدَو: إن من الحقوق العامة الشاملة لجميع البشر حق الحرية وهو حق للجنس البشري كفله الإسلام وجاء به الشرع الحنيف، والحرية أنواع: حرية التديّن وحرية التعبير
وبين الحرية العقدية عند الكفار (حرية تغيير الدين) وهو (الردة)، حيث في المادة الثامنة عشر من ميثاقهم لحقوق الإنسان: (لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة).
وإليك ما يبطل هذه الدعوة التي أخذت تروج في هذا العصر استدلال
بقوله تعالى (لا إكراه في الدين)
ورد في (بيان المثقفين) في ثلاثة مواضع:
1 - (لا يجوز إكراه أحد في دينه، قال الله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة:256)، بل إن الإسلام نفسه لا يصح مع الإكراه).
2 - (وقيم خاصة بشعب معين آثرها واختارها فنحن لا نكرهه على تركها، ذلك أن ديننا علمنا أن لا إكراه في الدين).
3 - (وتبني الدولة للدين الإسلامي ليس معناه التدخل في خصوصيات الأقليات وإجبارها على التخلي عن دينها وإكراهها على الدخول في الإسلام فقد استقر في وعي المسلم وعُلِمَ من صريح آيات القرآن أن لا إكراه في الدين).
قلت: والكلام على هذا من وجوه:
¥