تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، ولا يشترط التلفظ بها فإنها عمل قلبي، لا دخل للسان فيه، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلباً لوجهه الكريم، فمن تسحر بالليل، قاصداً الصيام، تقرباً إلى الله بهذا الإمساك، فهو ناوٍ. ومن عزم على الكف عن المفطرات، أثناء النهار، مخلصاً لله فهو ناوٍ كذلك وإن لم يتسحر.

وقال كثير من الفقهاء: إن نية صيام التطوع تجزئ من النهار، إن لم يكن قد طعم. قالت عائشة – رضي الله عنها -: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: " هل عندكم شئ؟ قلنا: لا. قال: " فإني صائم ". رواه مسلم، وأبو داود. واشترط الأحناف أن تقع النية قبل الزوال وهذا هو المشهور من قولي الشافعي. وظاهر قولي ابن مسعود، وأحمد: أنها تجزئ قبل الزوال، وبعده، على السواء.

ملحوظة هامة جداً:

· يرى المالكية أن نية واحدة لصيام الشهر كله في أوله تكفي.

· الأحناف والحنابلة قالوا أن النية شرط لصحة الصيام وليست ركن، والفرق بين الركن والشرط أن الركن يكون جزءاً من الشيء كالسجود والركوع في الصلاة، أما الشرط فلا يكون جزءاً من الشيء كالطهارة واستقبال القبلة في الصلاة، ومع هذا فالنية لازمة عند الجميع سواء أعتُبِرت ركناً أو شرطاً فالصلاة لا تصح من غير طهارة أو مع عدم استقبال القبلة ....

على من يجب الصوم:

أجمع العلماء على أنه يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ، الصحيح المقيم، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض، والنفاس. فلا صيام على كافر، ولا مجنون، ولا صبي ولا مريض، ولا مسافر، ولا حائض، ولا نفساء، ولا شيخ كبير، ولا حامل، ولا مرضع.

وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقا، كالكافر والمجنون، وبعضهم يطلب من وليه أن يأمره بالصيام، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء، وبعضهم يرخص لهم في الفطر وتجب عليه الفدية، وهذا بيان كل على حدة:

صيام الكافر والمجنون:

الصيام عبادة إسلامية، فلا تجب على غير المسلمين، والمجنون غير مكلف لأنه مسلوب العقل الذي هو مناط التكاليف، وفي حديث علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم ". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي.

صيام الصبي:

والصبي وإن كان الصيام غير واجب عليه إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به، ليعتاده من الصغر، مادام مستطيعاً له، وقادراً عليه.

فعن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم - صبيحة عاشوراء - إلى قرى الأنصار: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه، فكنا نصومه بعد ذلك، ونصوم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي: الصوف) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار. رواه البخاري، ومسلم.

من يرخص لهم في الفطر وتجب عليهم الفدية:

يرخص الفطر للشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، وأصحاب الأعمال الشاقة الذين لا يجدون متسعاً من الرزق غير ما يزاولونه من أعمال.

هؤلاء جميعاً يرخص لهم في الفطر، إذا كان الصيام يجهدهم، ويشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة.

وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، وقُدِّر ذلك بنحو صاع (الصاع يساوي قدح وثلث) أو نصف صاع، أو مُد، على خلاف في ذلك، ولم يأت من السُنَّة ما يدل على التقدير.

قال ابن عباس: رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه.

رواه الدارقطني والحاكم وصححاه.

وروى البخاري عن عطاء: أنه سمع ابن عباس - رضي الله عنهما - يقرأ: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ " (البقرة:184) قال ابن عباس ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فَيُطْعِمَان مكان كل يوم مسكيناً. (مذهب مالك وابن حزم أنه لا قضاء ولا فدية.)

والمريض الذي لا يرجى برؤه، ويجهده الصوم، مثل الشيخ الكبير، ولا فرق.

وكذلك العمال الذين يضطلعون بمشاق الأعمال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير