تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإنْ أَذِنَ المقذوف للقاذف، أو عفا عنه، أو لم يُطالب بإقامة الحدِّ بعدَ عِلمِهِ؛ فلا يقام الحدُّ على القاذف عند جمهور أهل العلم وخالف في ذلك الظاهرية.

ووقع النزاع في المقذوف الميت؛ فالجمهور على إقامة الحد بعد مطالبة مَنْ يقوم مقام الميت في المطالبة، ووقع الخلاف بينهم فيمن له هذا الحق، وهو مبسوطٌ في مواضعِهِ.

الشرط السابع: سلامة الآلة الجنسية لدى المقذوف [43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn43) :

وهذا الشرط اشترطه الحنفية والمالكية والشافعية إلى اشتراط ذلك، لأنه لا يتصور زنا مَنْ فقدَ تلك الأعضاء، لكن هذا يشترط في إثبات حدِّ الزنا بخلاف القذف.

أما الحنابلة وابن حزم فلم يشترطوا هذا الشرط، وذلك لأنَّ العارَ يلحق المقذوف، والعلم بكونه مجبوبًا أو خَصِيًّا ونحو ذلك في الغالب أنه يكون خفيًا غير معلوم لدى كثير من الناس.

الشرط الثامن: أن يكون المقذوف حرًا [44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn44) [45] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn45) :

وهذا الشرط له حالتين:

الحالة الأولى: أن يقذف الحر عبده؛ وهذا الشرط مَحَلُّ خلافٍ بين أهل العلم على قولين:

القول الأول: أنَّه يشترط أن يكون المقذوف حرًا؛ فلو قذف الحرُّ عبدًا لم يقم عليه الحدُّ، وهذا القول هو قول الجمهور؛ واستدلوا على ذلك بما يلي:

الدليل الأول: عن أبي هريرة – رضي الله عنه –، أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: " من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحدُّ يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " [46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn46) .

وجه الدلالة: أنه لو وجب على مَنْ قَذَفَ عَبدَهُ حدٌّ في الدنيا لما أقيم عليه الحدُّ يوم القيامة، ولكونه ذكر حَدَّه في الآخرة دون الدنيا.

الدليل الثاني: أنَّ جماعةً من أهل العلم نقلوا الإجماع في هذه المسألة [47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn47) .

يرد عليه:

1 – ما جاء عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنَّ أميرًا من الأمراء سأل ابن عمر عن رجلٍ قَذَفَ أمَّ ولدٍ لرجل، قال: يضرب الحد صاغرًا [48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn48) .

يجاب عنه:

1 – أنَّ رأي ابن عمر هو في (أم الولد) لا في مطلق العبد.

2 – أنَّ القاذف في أثر ابن عمر قذف عبدَ غيرهِ، وهذه مسألة أخرى خارجةٌ عن محلِّ النزاع.

2 – ما ورد عن الحسن البصري من أنَّه يجب الحد على من قذف عبدًا.

يجاب عنه:

1 – أنَّ هذا الأثر لم نجد له إسنادًا بعد بحث.

2 – أنَّه على فرض صحة ثبوته: فالإجماع منعقد قبل خلاف الحسن البصري، فلا يعتد بمخالفته.

الدليل الثالث: أنَّ الله – سبحانه وتعالى – فَرَّقَ بين الحرِّ والعبد، ففضل بعض خلقه على بعض، فلا يستوي المالك والمملوك.

القول الثاني: أنه يجب على من قذف عبده أن يقام عليه الحد، وهو مذهب ابن حزم.

واستدلوا بالأثر الوارد عن ابن عمر، والحسن؛ وقد سبق ذكرهما والإجابة عنهما.

الراجح: أنَّ قذف الحر لعبده غيرُ موجبٍ للحد.

الحالة الثانية: أن يقذف الحرُّ عبدَ غيره؛ وهذه المسألة محلُّ خلافٍ على القولين السابقين، ويستدل لها بذات الأدلة المذكورة في المسألة السابقة، ويمكن أن يضاف لأدلة القائلين بإقامة الحدِّ هنا:

صحيحٌ أنَّ الله – سبحانه وتعالى – فَرَّقَ بين الحرِّ والعبد، وفضل بعض خلقه على بعض، فلا يستوي المالك والمملوك؛ لكن يجب على من قذف عبد غيره الحد، وذلك لأنَّ العبد سيلحقه ضرر بهذا القذف ولا بُد، كما أنَّ سَيِّدَهُ سيلحقه ضرر حتى عند بيعه.

يرد عليه:

نحن لم نسقط العقوبة عن هذا القاذف؛ بل يعزر، وهذا كافٍ في إعادة الحقِّ لصاحبه، وإظهار براءته.

الخاتمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير