وجاء في شرح ابن بطال (1/ 256) وفائدة هذا الباب أنه يجوز التصرف للنساء فيما بهن الحاجة إليه، لأن الله أذن لهن فى الخروج إلى البراز بعد نزول الحجاب، فلما جاز لهن ذلك جاز لهن الخروج إلى غيره من مصالحهن، أو صلة أرحامهن التى أوجبها الله عليهن، وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - النساء بالخروج إلى العيدين.
وجاء في صحيح مسلم (11/ 142) زاد أبو بكر في حديثه فقال هشام يعني البراز و حدثناه أبو كريب حدثنا ابن نمير حدثنا هشام بهذا الإسناد.
والحديث أخرجه الامام أحمد في مسنده - (49/ 311). والبيهقي في السنن الكبرى - (7/ 88).
قلت: ولم يخالف أحد في جواز خروج المرأة لحاجتها، ولا يلزم من خروج المرأة لحاجتها أن تخالط الرجال، ومن قال بلزومه فهو تحكم لا دليل عليه.
الدليل الثاني:وعن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك.
قلت (القائل الدكتور): أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس» قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه.
قلت (القائل الدكتور): ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطتهم.
الرد على هذا الدليل:
قلت: في هذا غلط من الدكتور، فقد جاء في فتح الباري لابن حجر - (14/ 472): وَفِي الْحَدِيث جَوَاز خِدْمَة الْمَرْأَة زَوْجهَا وَمَنْ يَدْعُوهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلّ ذَلِكَ عِنْد أَمْن الْفِتْنَة وَمُرَاعَاة مَا يَجِب عَلَيْهَا مِنْ السِّتْر.
ولا أعلم من أين استخلص الدكتور جواز المخالطة والاختلاط وجواز النظر، وكل مافي الأمر هو تقديم الطعام!! و لا أعلم لما اقتطع الدكتور بقية كلام ابن حجر ولم يأخذ منه الا ما يوافق هواه!!!! الله أعلم!!!!!، وفي هذا تشبه بطرق المبتدعة في اقتصاص الكلام.
الدليل الثالث:وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
قلت (القائل الدكتور): أخرجه البخاري، وفيه ما في الحديث السابق، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال»، يعني به جواز ذلك، وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث.
الرد على هذا الدليل:
جاء في فتح الباري لابن حجر (17/ 477):وَالْمُرَاد بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُون عِنْد أَمْن الْفِتْنَة. وَذَكَرَ فِي الْبَاب حَدِيثَيْنِ يُؤْخَذ الْجَوَاز مِنْهُمَا. وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيث لَيْسَ عَلَى شَرْطه، وَهُوَ حَدِيث أَسْمَاء بِنْت يَزِيد " مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَة فَسَلَّمَ عَلَيْنَا " حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ فَاكْتَفَى بِمَا هُوَ عَلَى شَرْطه. وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث جَابِر عِنْد أَحْمَد. وَقَالَ الْحَلِيمِيّ: كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنْ الْفِتْنَة، فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسه بِالسَّلَامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَالصَّمْت أَسْلَم
وجاء في شرح ابن بطال (17/ 29):
قال المهلب: السلام على النساء جائز إلا على الشابات منهم فإنه يخشى أن يكون فى مكالمتهن بذلك خائنة أعين أو نزعه شيطان، وفى ردهن من الفتنة مما خيف من ذلك أن يكون ذريعة يوقف عنه، إذ ليس ابتداؤه فريضة، وإنما الفريضة منه الرد، وأما المتجالات والعجائز فهو حسن، إذ ليس فيه خوف ذريعة، هذا قول قتادة، واليه ذهب مالك وطائفة من العلماء.
قلت: ولا أعلم مافي الحديث السابق من دلالة على قوله (وفيه ما في الحديث السابق).
¥