[تحفة الأيام في فوائد دروس بلوغ المرام (4) لخليفة ابن عثيمين الشيخ: سامي الصقير-حفظه الله]
ـ[أبو عباد]ــــــــ[19 - 05 - 05, 08:26 م]ـ
{باب قضاء الحاجة} الاثنين 1/ 8/1423هـ
الآداب: جمع أدب. والأدب هو: ما يُحْمَد الإنسان عليه من قول أو فعل.
قضاء الحاجة: المراد به البول والغائط، وعبّر به بالحاجة؛ لأن الأشياء هذه يُستحيا من ذكرها، ولم يقل باب البول والغائط.
ويوجد من المصنفين من يعبّر بباب الاستنجاء. ومنهم من يعبّر بباب الاستطابة. ومنهم من يعبّر بآداب دخول الخلاء، مأخوذ من قوله:"إذا دخل أحدكم الخلاء".
والآداب هنا: 1 - آداب قولية. 2 - آداب فعليّة.
93 - عن أنس بن مالكtقال: كان رسول اللهrإذا دخل الخلاء وضع خاتمه. أخرجه الأربعة وهو معلول.
قوله: (وهو معلول):العلّة: هي وصف في الحديث يوجب ردَّه وألاّ يُقبَل، سواء في المتن أو في السند.
إذا دخل: إذا أراد الدخول، وتوجد رواية البخاري:"إذا أراد أن يدخل".
الخَلاء: هو الموضع المُعدّ لقضاء الحاجة.
الخِلا: هو عيب في الإبل، كالحِرَان بالنسبة للخيل أي بَرَك ولم يقم.
الخلى: الحشيش الرّطب.
سمي خلاءً: 1 - لأن الإنسان يخلو عن الناس. 2 - ولأنه يتخلّى فيه من البول والغائط.
الفوائد: 1 - جواز لبس الخاتم، وهذه المسألة فيها خلاف:
أ) سنّة؛ لأن النبيrكان يلبسه.
ب) سنّة لمن كلن له سُلْطة؛ لأن النبيrلبسه؛ لأن ملوك الفرس وغيرهم لا يقبلون الرسائل إلاّ التي عليها ختم.
ج) مباح. والصحيح: أنه سنة لمن احتاج إليه.
من الفوائد:2 - عدم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله.
94 - وعنه: كان رسول اللهrإذا دخل الخلاء قال:"اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".أخرجه السبعة.
اللهم: أصلها يا الله، لكن حُذِفت ياء النداء وعوّض عنها بالميم، ويُقال: يا اللهم. #اللهم: منادى مبني على الضم في محل نصب.
*لفظ (اللهم) يَرِد لثلاثة معاني:-
أ-أن تكون للنداء، كقولك: اللهم اغفر لي، يعني: يا الله.
ب-أن تَرِد في جواب السؤال تمكيناً من ذهن السامع كالتوكيد، كقولك: أزيد حاضر؟ فتقول: اللهم نعم.
ج-أن ترد على نُدْرة الوقوع، يعني: أن هذا الشيء نادر، مثل قول مثلاً الفقهاء: وهذا حرام، اللهم إلاّ للمضطر.
أعوذ: ألتجيء وأعتصم، يُقال: عاذ ولاذ، فمعنى عاذ أي التجأ واعتصم.
الخبْث: يُقال الخبْث، ويُقال الخُبُث.
الخبْث بالسكون: هو الشر، والخبائث: النفوس الشريرة. هذه الرواية أعمّ.
الخبُث بالضمّ: هم الشياطين أي ذكران الشياطين، الخبائث: إناث الشياطين.
والعَوْذ من الشرّ: هو اللَّوْذ للوصول إلى المطلوب.
الفوائد:
1 - افتقار النبيrلله عز وجل؛ لأنه كلن يستعيذ بالله، فهو واحد من خلقه.
2 - أن النفوس الشريرة تأوي إلى الأماكن الخبيثة.
3 - مشروعية قول هذا الذكر عند دخول الخلاء.
#إذا كان في البريّة، قال العلماء: عند آخر خطوة قبل أن يجلس.
#رجل دخل الخلاء، ونَسِيَ أن يقول هذا الذكر، فماذا يفعل؟ هذه المسألة فيها خلاف:
ق1) سنة فات محلّها، وهو الراجح.
ق2) من العلماء من يقول ارجع وقل الذكر.
4 - استحباب قول"بسم الله"قبل هذا الذكر عند دخول الخلاء؛ لحديث علي t وهو:"ستر ما بين عورات بني آدم والشياطين إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله".
5 - ظاهر الحديث: أن الإنسان لا بدّ أن ينطق باللسان عند الذكر لقوله:"إذا دخل الخلاء قال: ....... ".
#ظاهر الحديث: ق1) أن هذا الحديث يُقال سواء دخل الخلاء لقضاء الحاجة أو لدخول فعل عمل، وهذا هو القول الأول.
ق2) بعض العلماء قال: أن تُقال عند قضاء الحاجة فقط؛ لحديث علي t:" ستر ما بين عورات بني آدم والشياطين إذا دخل الكنيف أن
يقول: بسم الله"؛لأن الشياطين تتسلّط على بني آدم عند كشف العورة.
95 - وعنه قال: كان رسول اللهrيدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوةً من ماء وَعَنَزَةً، فيستنجي بالماء. متفق عليه.
نحوي: المراد به: ق1) قيل: مُتقارب لي في السنّ.
ق2) وقيل: يعني نحوي في الخدمة.
#قيل الغلام هو: عبد الله بن مسعود t، وعلى احتمال أنه عبد الله بن مسعود فلا يَرِد المراد الأول؛ لأن ابن مسعود كان عمره ثلاثون عاماً، وأنس عمره عشرون عاماً عند موت النبي r، فيكون المراد الثاني وهو نحوي في الخدمة.
فالمعنى في الاحتمال الأول: أن كل واحد يحمل شيء.
والمعنى على الاحتمال الثاني: أن كل واحد يحمل مرّة.
إداوة: إناء صغير من جلد.
من: بمعنى في، فهي ظرفية، مثل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) يعني للصلاة في يوم الجمعة.
العَنَزَة: هي الحربة الصغيرة، وهي عصا في طرفها حديدة مطروقة كأنها شوكة.
يستنجي: الاستنجاء هو: أن يزيل الخارج من السبيلين بالماء. والاستجمار هو: أن يزيل الخارج من السبيلين بالأحجار.
الفوائد:
1 - جواز استخدام الأحرار، وأن الخدمة لا تختص بالعبيد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام خدمه أنس وابن مسعود على قول.
2 - جواز الاستعانة بالغير في وسائل الوضوء، وهذه المسألة ذكرناها في حديث رقم (37).
#والاستعانة بالغير في الطهارة تنقسم إلى أقسام:
أ/ استعانة في إحضار الماء، هذا جائز مالا يخشَ المِنَّة.
ب/ استعانة بالغير في صبّ الماء، ق1) جائز، وهو الصحيح، والدليل: حديث المغيرة أنه صبّ الماء على رسول الله r.
ق2) مكروه. ق3) خلاف الأَولى.
ج/ استعانة في توضِئَتِه، مثل: يا فلان غسّل رجلي، فإن كان لعذر فلا بأس وإن كان لغير عذر أي لغير حاجة فهو مكروه؛ لأن الوضوء عبادة والعبادة الأفضل أن يُباشرها بنفسه.
من الفوائد: 3 - كان من هدي النبيrأنه كان يحمل العَنَزَة، وحمل العَنَزَة له فوائد:
" يدفع فيه الصائل من حيوان أو إنسان.
" أنه يعلقه ويحمل عليها المتاع.
" تَسْتُرَهُ عند قضاء الحاجة، يضع عليها.
" أنها سترة في الصلاة، وهذا في حديث ابن عمر؛ لأن النبيrرَكَزَ العنزة وصلًى.
" يحرث بها الأرض الصلْبَة من أجل البول لا يرجع إليه عند التبوّل.
4 - ينبغي للإنسان أن يكون مُتَأهب للطهارة.
5 - جواز الاقتصار على الاستنجاء بالماء، والمراتب في تطهير الخارج من السبيلين:
أ- أن يقتصر على الاستنجاء، وهذا في الحديث الذي معنا.
ب- أن يقتصر على الاستجمار، وهذا في أمره لابن مسعودtأن يأتيَ له بثلاثة أحجار.
ج- أن يجمع بينهما، يستجمر أولاً ثم يستنجي ثانياً، وهو أكملها.