تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل هناك فرق بين كفر البدعة والكفر الأصلي؟]

ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[12 - 05 - 05, 04:06 ص]ـ

قرأت في كتاب سير أعلام النبلاء في ترجمة بشر المريسي قول الإمام الذهبي رحمه الله تعالى:

ومن كفر ببدعة وإن جلت , ليس هو مثل الكافر الأصلي , ولا اليهودي والمجوسي , أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر , وصام وصلى وحج وزكى وإن ارتكب العظائم وضل وابتدع , كمن عاند الرسول_ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - _ , وعبد الوثن , ونبذ الشرائع وكفر , ولكن نبرأ إلى الله من البدع وأهلها. أه

فهل قول الإمام أحمد وغيره فيمن قال أن كلام الله وعلم الله مخلوق , فهو كافر. وغير ذلك هو كفر دون كفر؟

أفتونا جزاكم الله خيرا

ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[14 - 06 - 05, 08:28 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب شبيب حفظه الله تعالى:

في واقع الحال عند قراءة كلام الذهبي رحمه الله تعالى قد ينشأ في النفس استغرابا، إلا أن الخبير بأساليب الذهبي وطريقته وبخاصة في كتب التراجم التي صنفها وخصوصا سير أعلام النبلاء، يجد فيه رحمه الله تعالى ورعا عن الكلام في الناس وتوقف في أحيان كثيرة حتى فيمن تكلم فيه غير رجل من ثقات أهل العلم وقد يكون بعضهم كفره، وقد نشأ عن هذا اتهام بعض طلبة العلم غفر الله تعالى لهم للذهبي رحمه الله تعالى بالتساهل مع أهل البدع، وليس الأمر كذلك فالذهبي رحمه الله تعالى أثري قح، لكن يعرض له ما عرض لابن أبي حاتم رحمه الله تعالى حينما كان يقرأ في كتاب الجرح والتعديل ثم دخل عليه أحد الزهاد وقال: لعل بعض من تتكلم فيهم الآن قد حطوا رحالهم في الجنة منذ مائة سنة، فرجفت يدي ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى وبكى حتى ما صار يقدر أن يكمل المجلس، رغم أن الكلام في الجرح والتعديل وما يتعلق به من ضرورات الدين ودعائمه، لكنه لما غلب عليه الخوف والورع مع رؤيته لحال نفسه - تواضعا وهضما للنفس - أنها أقل ممن يتكلم فيهم، خرج برد الفعل هذا، نسأل الله تعالى أن يحشرنا معهم بمنه وكرمه وفضله.

أقصد أيها الحبيب أن هذا يخرج من نفس الورع الذي يغلب على العالم، وبخاصة إذا كان الرجل الذي كفره بعض العلماء أو بدعوه من أهل الإسلام أو من طلبة العلم أصلا.

وبرهان ذلك أنك تجد الذهبي رحمه الله تعالى إذا تكلم في بعض العلماء بغير حق، تأخذه حمية في بعض الأحيان قد لا يقتضيها الحال وقد تكون أكبر مما يحتمله المقام كما أنكر على العقيلي رحمه الله تعالى أدخاله إمام العلل أبو الحسن علي بن المديني رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابه الضعفاء وذهب يبكت العقيلي ويشتط عليه في الكلام وإذا تدبرت وجدت أن رد الذهبي في واد ووجه إدخال العقيلي في الضعفاء له وجه آخر.

فهذا بالنسبة لهذه الكلمة من الذهبي وإذا كنت تطالع السير فستجد لهذه الكلمة أخوات فاصرفها على ما قلت لك أخي الحبيب.

أما بالنسبة لنفس الكلمة وهي:

أن الكافر ببدعة - كالقول بخلق القرآن أو بإلهية علي أو بنفي صفات الله تعالى جملة وتفصيلا أو بتكذيب القرآن ... الخ أو بمصعية مثل ترك الصلاة في قول أحمد وغيره فهؤلاء كلهم يجمعهم مصطلح المرتد، وسواء أكان المرتد ببدعة أو بمعصية ونحوها فقد صدق عليه الوصف بالردة، وإذ قد تقرر هذا فالقول بأن المرتد أفضل حالا من الكافر الأصلي لا يصح، بل تقلب الدعوى على الذهبي رضي الله عنه بأن يقال:

بل لا يستوي من عرف الحق وذاق حلاوته وعرف عقاب من تركه بمن لم يعرف الحق أو عرفه مشوها، أو مبتورا ناقصا كيف يستويان؟

وقد حقق ابن تيمية وابن القيم رضوان الله تعالى عليهما في غير ما موضع من كتبهما أن المرتد أسوأ حالا من الكافر الأصلي وإليك كلمة الإمام المبجل أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى المجلد الثامن والعشرون وقد سئل عن شرعية قتال من عاون التتار في قتالهم ضد المسلمين مبينا أنه يجب قتالهم وقتلهم وأنهم إذا كانوا مسلمين فيبعثون على نياتهم لكن يقاتلوا لتهجمهم على المسلمين ومعاونتهم أعدائهم فلنا الظاهر والباطن إلى الله تقدس وتعالى فيقول:

وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة منها:

1 - أن المرتد يقتل بكل حال ولا يضرب عليه جزية ولا تعقد له ذمة بخلاف الكافر الأصلي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير