دُروسٌ فِي شَرحِ كِتَابِ البُيوع مِن عُمْدَة الأَحكَام (المَجْمُوعَة الثَّانِيَة)
ـ[أبو عمر البديري]ــــــــ[11 - 05 - 05, 10:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هَذِه هِيَ المَجْموعَة الثَّانِية مِن دُروس شَرحِ كِتَاب عُمْدَة الأَحكَام للشيخ: بَنْدَر بِن نَافِع العَبْدلي _ أثابه الله _
وما زَالَ الدَّرسُ مُستَمِرا _ إِنْ شَاءَ الله _.
وانظر المَجْوعَة الأُولى عَلَى هَذَا الرَّابِط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30091 .
ـ[أبو عمر البديري]ــــــــ[11 - 05 - 05, 03:37 م]ـ
258_ وعن أبي هُرَيْرَة _ رَضِيَ اللهُ عنه _ أن رسولَ الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال: ((لا تَلَقّوا الرُّكْبَان، ولا يَبِعْ بَعْضُكم على بَيعِ بعض، ولا تَنَاجَشوا، ولا يبع حَاضِر لِبَاد، ولا تُصَرّوا الغنم، ومن ابتاعها فهو بِخَيْرِ النَّظَرِيْن بعد أن يَحْلِبَها، إن رَضِيَهَا أَمْسَكَها وإن سَخَطَها ردها وصاعاً من تمر)).
وفي لفظ: ((وهو بالخيار ثلاثاً)).
تخريج الحديث:
هذا الحديث هو في "الصحيحين" من طُرق: عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _، وهو بهذا اللفظ لِلبُخَاري من طريق: مالك عن أبي الزِّنَاد عن الأَعْرَج عن أبي هريرة.
وهذا الطريق يُعَدّ من الطُّرُق التي أُطْلِقَ عليها من أَصَحِّ الأَسانيد، وقد جُمِعَت في كتاب و هو " تقريب الأسانيد في أصح الأسانيد" للعِرَاقي _ رحمه الله _.
هذا الطريق يُطْلَق عليه أنه من أصح الأسانيد، مالك عن أبي الزِّنَاد عن الأَعْرَج عن أبي هريرة.
وقوله: وفي لفظ: ((هو بالخيار ثلاثاً)) هذا اللفظ للبخاري ومسلم وهو عنده بلفظ: ((ثلاثة أيام)).
والحديث أخرجه أهل السنن، وهو عند بعضهم مختصراً ومطولاً، فقد رواه أبو داود بذكر (النهي عن النجش).
والترمذي بذكر (النهي عن تلقي الركبان، وعن تَلَقِّي الجَلَب، والنهي عن بيع حاضر لِبَاد).
والنسائي بنحوه، وابن ماجة بالنهي عن النَّجْش وبيع حاضر لباد).
والحديث له شاهد من حديث ابن عباس _ رضي الله عنهما _ متفق عليه _ وسيأتي.
وحديث جابر في (النهي عن بيع الحاضر) لِلباد أخرجه مسلم.
ومن حديث أنس متفق عليه، ومن حديث ابن عمر _ رضي الله عنه _.
ومن حديث عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _.
فالحديث له شواهد متعددة.
مفردات الحديث:
قوله: ((لا تَلقوا)) (لا تلقوا) أصلها لا تتلقوا، فحذفت إحدى التائين تخفيفاً.
قوله: ((الركبان)) جمع راكب وهو في الأصل راكب البعير ثم اتسَع فأُطْلِقَ على كل من رَكِبَ دابّة، والتعبير بالرُّكْبَان خَرَجَ مَخْرَجَ الغَالِب، والمراد القادم من السفر ولو كان واحداً أو ماشياً.
والمراد بهم في الحديث: كل من يقوم بِجَلْبِ السِّلَع من خارج المدينة سواء كانوا راكبين أو راجلين.
وقد ورد الحديث عند مسلم بلفظ: ((لا تلقوا الجَلَب)).
وقوله: ((ولا تناجشوا)) (النَّجْشُ) في اللغة: مأخوذ من نَجَشْتُ الصيد إذا أثرته، كأن النَّاجِش يُثِرُ بِنَجْشِهِ الثَّمَن ويزيده.
واصطلاحاً: أن يَزيدَ في السلعة من لا يريد شراءها.
وقوله: ((ولا تُصَروا الغنم)): وعند مسلم: ((ولا تصروا الإبل والغنم)) (تُصَرُّوا) _بضم التاء وفتح الصاد وتشديد الراء المضمومة _ على وزن (تزكوا) مأخوذ من (صَرى، يُصَرِّي).
وأصل التَّصْرِيَة حَبْسُ الماء يُقَال منه صَرَّيْتُ الماء إذا حَبَسْتهُ، وهو أن تُرْبَطَ ضُُروع بهيمة الأنعام حتى يجتمع اللبن فَيَكْثر فيظن المشتري أن ذلك عادة لها فيزيد في ثمنها.
وورد في حديث ابن مسعود بلفظ: ((من اشترى شاة مُحَفَّلَة)) _ بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الفاء _وهي بمعنى مصراة، سميت بذلك لأن اللبن حَفَلَ في ضَرْعِهَا أي جُمِع.
وقوله: ((فهو بخير النظرين)): أي الرأيين.
((بعد أن يحلبها)) وفي رواية ((بعد أن يحتلبها)) وسيأتي إن شاء الله التفصيل في ذلك.
فقه الحديث:
هذا الحديث أصل في النهي عن هذه البيوع، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: النهي عن تَلَقِّي الركبان لأن النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ نهى عنه، وهذا النَّهي للتحريم عند الجمهور.
وَتَلَقِّي الركبان فيه مباحث:
المبحث الأول:
اعلم أن تلقي الركبان عند أهل العلم له صور:
¥