تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خطأ تقسيم العلوم إلى (شرعيّة) و (عقليّة)

ـ[أبو علي]ــــــــ[17 - 05 - 05, 06:31 م]ـ

مجموع الفتاوى (19/ 228)

قول الناس العلوم الشرعية والعقلية قد يكون بينهما عموم وخصوص وقد يكون احدهما قسيم الآخر ويكون الصواب فى مواضع ان يقال السمعية والعقلية وذلك ان قولنا العلوم الشرعية قد يراد به ما أمر به الشارع وقد يراد به ما أخبر به الشارع وقد يراد به ما شرع أن يعلم وقد يراد به ما علمه الشارع

فالأول هو العلم المشروع كما يقال العمل المشروع وهو الواجب أو المستحب وربما دخل فيه المباح بالشرع

والثانى هو العلم المستفاد من الشارع وهو ما علمه الرسول لأمته بما بعث به من الايمان والقرآن والكتاب والحكمة وهو ما دل عليه الكتاب والسنة أو الاجماع أو توابع ذلك

فالأول اضافه له بحسب حكمه فىالشرع والثانى اضافه الى طريقه ودليله فقولنا فى الأول علم شرعى كما يقال عمل شرعى والثانى كما يقال علم عقلى وسمعى الأول نظر فيه من جهة المدح والذم والثواب والعقاب والأمر والنهى وهو خطاب التكليف والثانى نظر فيه من جهة طريقه ودليله وصحته وفساده ومطابقته ومخالفته وهو من جهة خطاب الأخبار

ثم كل من القسمين على قسمين فإنه إذا عرف أن الشرعى إما أن يكون ما أخبر به وأما أن يكون ما أمر به فما أخبر به إما أن يبين له دليلا عقليا أو لا يذكر وما أمر به اما أن يكون مقصودا للشارع أو لازما لمقصود الشارع وهو ما لا يتم مقصوده الواجب أو المستحب إلا به فهذه أربعة أقسام

وان شئت أن تقسم المأمور به الى ما يعرف بالعقل فقط والى ما يعرف بالشرع أيضا فيكون شرعيا خبرا وأمرا فان ما علم بالشرع لا يخلو اما أن يراد به اخبار الشارع أو دلالة الشارع فاذا عنى به ما دل عليه الشارع مثل دلالته على آيات الربوبية ودلالة الرسالة ونحو ذلك فانه يجتمع فى هذا ان يكون شرعيا عقليا فان الشارع لما نبه العقول على الآيات والبراهين والعبر اهتدت العقول فعلمت ما هداها اليه الشارع.

واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مثل الاقرار بوجود الخالق وبوحدانيته وعلمه وقدرته ومشيئته وعظمته والاقرار بالثواب وبرسالة محمد وغير ذلك مما يعلم بالعقل قد دل الشارع على أدلته العقلية وهذه الأصول التى يسميها أهل الكلام العقليات وهى ما تعلم بالعقل فانها تعلم بالشرع لا أعنى بمجرد أخباره فان ذلك لا يفيد العلم إلا بعد العلم بصدق المخبر فالعلم بها من هذا الوجه موقوف على ما يعلم بالعقل من الاقرار بالربوبية وبالرسالة وإنما أعنى بدلالته وهدايته كما أن ما يتعلمه المتعلمون ببيان المعلمين وتصنيف المصنفين إنما هو لما بينوه للعقول من الأدلة

فهذا موضع يجب التفطن له فان كثيرا من الغالطين من متكلم ومحدث ومتفقه وعامى وغيرهم يظن أن العلم المستفاد من الشرع إنما هو لمجرد اخباره تصديقا له فقط وليس كذلك بل يستفاد منه بالدلالة والتنبيه والارشاد جميع ما يمكن ذلك فيه من علم الدين

والقسم الثانى من الشرعى ما يعلم باخبار الشارع فهذا لا يخلو إما أن يمكن علمه بالعقل أيضا أولا يمكن فان لم يمكن فهذا يعلم بمجرد اخبار الشارع وأن امكن علمه بالعقل فهل يوجد مثل هذا وهو أن يكون أمر أخبر الشارع به وعلمه ممكن بالعقل أيضا ولم يدل الشارع على دليل له عقلى فهذا ممكن ولا نقص إذا وقع مثل هذا فى الشريعة فانه اذا عرف صدق المبلغ جاز أن يعلم بخبره كل ما يحتاج اليه ولا ريب ان كثيرا من الناس لا ينالون علم ذلك الا من جهة خبر الشارع وقد أحسنوا فى ذلك حيث آمنوا به لكن هل ذلك واقع مطلقا

وقد ذهب خلائق من المتفلسفة والمتكلمة والمتفقهة والمتصوفة والعامة وغير ذلك الى وقوع ذلك وهو ان فيما أخبر به الشارع أمور قد تعلم بالعقل أيضا وان كان الشارع لم يذكر دلالته العقلية

وهذا فيه نظر فان من تأمل وجوه دلالة الكتاب والسنة وما فيها من جلى وخفى وظاهر وباطن قد يقول ان الشارع نبه فى كل ما يمكن علمه بالعقل على دلالة عقلية كما قد حصل الاتفاق على أن ذلك واقع فى مسائل أصول الدين الكبار وفى هذا نظر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير